سورة البقرة

الوجه الأوّل : ارتباط هذه الآیات بالسابقة

الآیات الخامسة و العشرون والسادسة و العشرون و السابعة و العشرون / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 161365 | تاریخ : 04/12/1385

الوجه الأوّل

‏ ‏

ارتباط هذه الآیات بالسابقة

‏ ‏

‏الارتباط والـتناسق بین هذه الآیات والآیات الـسابقـة، من الـوجوه‏‎ ‎‏الـمختفیـة علیٰ جُلٍّ من الأکابر فی الـفنّ.‏

‏فإذا فرغت الآیات عن مسألـة الـتوحید وبحث الـنبوّة بإثبات إعجاز‏‎ ‎‏الـقرآن، شرعت فی آیات الأصل الـثالـث ـ وهو الـمعاد ـ فی ضمن‏‎ ‎‏الـتعرّض لحال الـمؤمنین الـذین أذعنوا واعتقدوا بإعجاز الـکتاب، وآمنوا‏‎ ‎‏بالـرسالـة وترکوا الأنداد، وعملوا الـصالـحات، فی قبال الـذین هم فی ریب،‏‎ ‎‏وفی موقف الـمعارضـة بتخیّل إمکان الإتیان بالـمِثل، وأنّـه کلام یشبـه سائر‏‎ ‎‏الـجمل الآدمیـة والـکلام الـمتعارف، و فی خلال ذلک یتبیّن منتهیٰ مسیرهم،‏‎ ‎‏وهو الـنار الـتی وقودها الـناس والـحجاره اُعدّت للکافرین، وظهر مصیر‏‎ ‎‏المؤمنین إلی الجنّـة، الـتی فیها الأنهار الـجاریـة والأزواج المطهّرة، فالـتقابل‏‎ ‎‏بین الآیات فی نهایـة الـوضوح تقابلاً یؤکّد الـسنخیـة والـربط.‏


‎[[page 37]]‎‏ثمّ إنّ لأحد أن یتوهّم من الأمثلـة الـسابقـة الـمشتملـة علیٰ‏‎ ‎‏الـخصوصیّات الـهادیـة، کالـصیّب من الـسماء فیـه الـظلمات والـرعد‏‎ ‎‏والـبرق، وهکذا الـمثل الـسابق علیـه، أنّ هذه الأمثال تشهد علی أنّ الـکلام‏‎ ‎‏لیس فی حدّ کلام اللّٰه، وأنّـه لاینبغی لجنابـه تعالـیٰ ذلک.‏

‏فیشهد هذا وأمثالـه علیٰ أنّـه کلام الآدمیّـین فدفعاً للتخیُّلات نزلت‏‎ ‎‏الآیـة الـثانیـة من هذه الـمجموعـة، وأنّ اللّٰه لایستحیی أن یضرب مثلاً مّا‏‎ ‎‏بعوضـة فما فوقها، فبین الآیات نهایـة الوحدة الـهدفیـة والـغرض المتسانخ.‏

‏ومن اللطیف أنّ الآیـه الـثالـثـة من هذه الآیات فی حکم تفسیر الآیـة‏‎ ‎‏الـثانیـة، ویستبان بها أحیاناً أنّ الـذین یشکّون فی الـکتاب الإلهی إذا قام‏‎ ‎‏ونهض الـبرهان الـقطعی علیٰ أنّـه من عنداللّٰه، فیحصل لهم الـیقین بذلک،‏‎ ‎‏فکیف یجوز عند الـعقل بعد ذلک نقض عهد اللّٰه بعد میثاقـه بالـبرهان؟! وکیف‏‎ ‎‏یترخّص لهم قطع ما أمراللّٰه بـه أن یوصل، وهی الـوحدة والاتّفاق فی الـهدف‏‎ ‎‏والـمعیشـة؟ فیُفسدون فی الأرض بقطع تلک الـوحدة، وهدم ذلک الـبنیان‏‎ ‎‏والإخلال فی الـحیاة الاجتماعیـة، فلایلتحقون بالـمؤمنین، مع أنّهم یتّبعون‏‎ ‎‏الـبرهان والـدلیل، ولایأخذون بالـتعبد، ولایکونون علیٰ الـعمیٰ والـتقلید.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 38]]‎

انتهای پیام /*