سورة البقرة

الوجه السادس عشر : التوبیخ بالعناوین المبهمة

الآیات الخامسة و العشرون والسادسة و العشرون و السابعة و العشرون / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 161380 | تاریخ : 19/11/1385

الوجه السادس عشر

‏ ‏

التوبیخ بالعناوین المبهمة

‏ ‏

من اللطائف فی الـخطاب‏ تحکیم الـمبانی وتوجیـه الاُمّـة، وتعیـیر‏
‎[[page 56]]‎‏الـفاسدین بالـعناوین الـعامّـة الـکلّیـة الـمتقلّبـة فی الـصدق، دون الـعناوین‏‎ ‎‏الـخاصّـة الـشخصیـة الـغیر الـقابلـة للفرار عن الاندراج تحتها، وعن‏‎ ‎‏الـصدق والانطباق الـقهری، مثلاً إذا أخذ عنوان الـیهود والـنصاریٰ أو عنوان‏‎ ‎‏بنی فلان وفلان، فإنّـه لایمکن لتلک الـطائفـة الـفرار عنها، فإذا أخذه الـقرآن‏‎ ‎‏طریق تعیـیرهم وتوبیخهم، فربّما ینتهی الأمر إلـیٰ الـعناد واللجاج، وإلـیٰ‏‎ ‎‏الـضلالـة والـغوایـة، بخلاف الـعناوین الـعامّـة، کالـکافر والـفاسق‏‎ ‎‏والـمُفسد وناقض الـعهد وغیر ذلک، ولذلک تریٰ فی هذه الآیات أنّها مع کونها‏‎ ‎‏ناظرة حسب بادی الـنظر إلـیٰ أهل الـکتاب، إلاّ أنّـه لم یُذکروا بعنوانهم‏‎ ‎‏الـخاصّ هنا؛ وإن ذُکروا فی بعض الأحیان لانقطاع الأمر بالـنسبـة إلـیهم‏‎ ‎‏أحیاناً، فقولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏اَلَّذِینَ یَنْقُضُونَ ...‏»‏‏إلـیٰ آخره، ظاهر فی قوم کانوا‏‎ ‎‏معتقدین ومتعاهدین حسب اعتقاداتهم الدینیة لوجود کتب عندهم تشهد بظهور‏‎ ‎‏النبیّ الـخاتم، ولوجود الـدلائل الـخاصّـة لدیهم الـواصلـة إلـیهم من‏‎ ‎‏أسلافهم والأوصیاء الـسابقین، وأنّهم کانوا متعهّدین بالأمر الـکلّی والأصل‏‎ ‎‏الـعنوانی، إلاّ أنّ الـجهات الـخارجیـة والأوصاف الـشخصیـة والـنعوت‏‎ ‎‏اللا إنسانیـة، تُلجئهم إلـیٰ خلاف ذلک ونقض عهدهم وترک الـعمل بما أمر اللّٰه‏‎ ‎‏به أن یوصل، ویفسدون فی الأرض، ولایقبلون الحقّ المستدلّ علیه بالآیات‏‎ ‎‏القرآنیة، ولا بما عندهم من الکتب الاُخر، کالتوراة و الإنجیل وغیرهما.‏

فبالجملة:‏ فی هذه الـطریقـة الـمتّخذة فی هذه الآیات، نهایـة الـدقّـة‏‎ ‎‏والـظرافـة فی دعوة أهل الـکتاب، وأنّهم هم الـذین ینقضون عهد الـلّٰـه من‏‎ ‎‏بعد میثاقـه بالاُمور الـسالـفـة وبالآیات الـسابقـة وبالـعهد الـقدیم فی صلب‏‎ ‎‏أبیهم آدم، فلاوجـه لاختلاف الـمفسّرین فی الـمقام من تخیّلهم الاختلاف‏
‎[[page 57]]‎‏والـتشتّت، بل الـکلّ مورد الـنظر؛ لأنّ الـکلّ یؤیّد بعضـه بعضاً، وأنّهم هم‏‎ ‎‏الـذین یُفسدون فی الأرض ولایصلحون فیخسرون.‏

‎ ‎

‎[[page 58]]‎

انتهای پیام /*