بعض التنبیهات العرفانیّـة
فی قولـه تعالـیٰ: «کُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً» سکوت عن کیفیـة الارتزاق، وأنّـه هل الابتهاجات الـنفسانیـة والالتذاذات فی الـجنّـة تحصل، کما فی الـدنیا من طریق الـفم والـمضغ والازدراد وأمثالـها، أم هو علیٰ نهج بدیع آخر أرقی وأحسن وألطف وأسهل، فإنّ فی تلک الـطریقـة صعوبة ومماطلة وتعطیلاً واحتیاجاً، وفی الـکیفیّـة الاُخریٰ دائمیـة سرمدیـه لطیفـة بدیعـة؟
ضرورة أنّ الارتزاق والـرزق لایطلق علیٰ الـفواکـه إلاّ مجازاً، وما هو الـرزق هو الـنصیب الـواصل، فإذا کان ما رزقوا هو الـنصیب الـواصل الـفانی ـ کما فی الـدنیا ـ فکیف یقال: «هَذَا الَّذِی رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ» فالـرزق الـواصِل إلـیٰ الـنفس والالتذاذ الـحاصل للمؤمنین، باقٍ ویزداد ویشتدّ دائماً، وعندئذٍ یقال ویصحّ أن یعبّر عنـه: بأنّـه الـذی رُزِقنا من قبل.
[[page 92]]