سورة البقرة

المرحلة الثالثة : نظریة المسلمین فی خلق آدم

بعض البحوث الفلسفیـّة و المسائل العقلیـّة / الآیة الثلاثون / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 161504 | تاریخ : 15/07/1385

المرحلة الثالثة : نظریة المسلمین فی خلق آدم

‏ ‏

‏ذهب الـمنتحلون إلـی الـدیانات الـسماویـة فی خصوص آدم الأوّل:‏‎ ‎‏إلـیٰ أنّـه خلق جدید غیر متبدّل عن حیوان قبلـه، بل الـتزموا بأنّـه ممّا خلقـه‏‎ ‎‏الله أوّلاً، ثمّ خلق سائر الأفراد من هذا الـخلق؛ حتّیٰ ذهبوا إلـیٰ أنّ الاُم الاُولیٰ‏‎ ‎‏خُلِقت بإذن الله تعالـیٰ، واعتقد الأئمّـة من الـمسلمین بأجمعهم: أنّ الـمستفاد‏‎ ‎‏من الـکتاب الإلهی أنّ آدم الأوّل خلق فی الأرض من غیر أب ولا اُمّ، وعلیـه‏
‎[[page 246]]‎‏الأخبار الـمتواترة والـروایات الـمتعاضدة؛ ممّا لا یکون للعقل إلـیـه سبیل،‏‎ ‎‏فیکفی لهم الـتنزیل الـمصدّق عندهم، ولا یصدّقهم غیرهم؛ لعدم الإذعان‏‎ ‎‏لکتبهم الـسماویـة.‏

وربّما یظهر من الـفلاسفـة الإسلامیـّین:‏ أنّ الأنواع مخلوقات أصلیـة‏‎ ‎‏استقلالیّـة، ولا یرجع أحد الأنواع إلـیٰ الـنوع الآخر، وقد مرّ أنّـه لا تنافی بین‏‎ ‎‏تلک الـمقالـة ومقالـة الـتطوّر؛ لإمکان کون الـتطوّر علیٰ وجـه یستند الأنواع‏‎ ‎‏الـمختلفـة إلـیٰ الـنوع الـواحد، وأمّا حدیث أرباب الأنواع وربّات الـطبائع‏‎ ‎‏الـنوعیـة، فهو یستدعی وجود الـطبیعـة فی عالَم الـمادّة، وأمّا أنّها فی الأرض‏‎ ‎‏أو فی موطن آخر، فهو أجنبیّ عن الـبحوث الـعقلیـة الـصِّرفـة. نعم إنّ‏‎ ‎‏الـفلاسفـة لمکان إذعانهم للهیئـة الـفاسدة الـبطلمیوسیـة، ابتُلوا بمشاکل‏‎ ‎‏مختلفـة لا تنحلّ إلاّ بعد انحلال أصل الـمقالـة، کما تحرّرنا منّا فی «قواعدنا‏‎ ‎‏الـحکمیـة» فی الـفسلفـة الإلهیـة.‏

‏والـذی هو الأصوب فی اُفُق الـقواعد الـعقلیـة والأقرب إلـیٰ مقتضیات‏‎ ‎‏الـبحوث الـعلمیـة ـ لولا قیام الأدلّـة الاُخریٰ الآتیـة ـ: أنّ آدم الأوّل فی‏‎ ‎‏الأرض مستند إلـیٰ آدم آخر إلاّ أنّـه لم یکن فی الأرض، ویجوز أن یکون‏‎ ‎‏قادماً من الـکرات الـسماویـة والـسماوات الـسُّفلیـة والـعُلْویـة؛ لأجل‏‎ ‎‏تمدّنهم وحضارتهم الـعالـیـة... وهکذا. وقد أشرنا إلـیٰ جواز أزلیـة الأنواع،‏‎ ‎‏إلاّ أنّ أبدیـة الأنواع قطعیـة، إلاّ أنّ محیط الـمعاش وقطر الـحیاة یختلف فَلَکاً‏‎ ‎‏وسماء وأرضاً وفضاء... وهکذا.‏

‏وتوهّمُ: أنّ الـعالَم لم یکن ثمّ کان، فاسدٌ، للزوم منع الـفیض الـغیر‏‎ ‎‏الـمتناهی، فعالَم الـمادّة علیٰ الإجمال باقٍ وأزلیّ، إلاّ أنّ ما هو الأبدی معنیً‏
‎[[page 247]]‎‏کلّیّ لا شخصیّ، وما هو الأزلی أیضاً نوع وکلّیّ لا شخصیّ، بخلاف أبدیّـة الله ‏‎ ‎‏تعالـیٰ وأزلیّتـه، ومادّة کلّ صورة فی الـعالـم قائمـة بتلک الـصورة‏‎ ‎‏الـشخصیـة وإن کانت هذه الـصورة الـشخصیـة مرهونـة بوجود الـمادّة‏‎ ‎‏الـسابقـة الـفانیـة الـقائمـة بصورة اُخریٰ... وهکذا، وهذا ممّا لا ینبغی خفاؤه‏‎ ‎‏علیٰ ذوی الـعقول والأنظار.‏

‎ ‎

‎[[page 248]]‎

انتهای پیام /*