الوجه الخامش عشر
حول «تبدون» و«تکتمون»
حذف الـعائد جائز وربّما یدلّ علیٰ الـعموم وإن کان فیـه إشکال بل منع عندنا؛ لـقصور دلالتـه علیٰ الـعموم اللفظی بالـضرورة، وأمّا الإطلاق فهو صفـة خارجـة عن اللفظ، ولا نحتاج فی إفادتـه الإرسال إلـیٰ حذف الـعائد، فلو قال اللّٰه تعالـیٰ: أعلم ما تبدونـه وما تکتمونـه یلزم سریان علمـه إلـی الـجمیع، فتأمّل.
والـذی هو الـمهمّ بحسب الـبلاغـة؛ عدم ذکر الـفعل الـماضی عند قولـه تعالـیٰ: «مَا تُبْدُونَ»، وذکره عند قولـه تعالـیٰ: «وَمَا کُنْتُمْ تَکْتُمُونَ» والظاهر أنّ أرباب التفسیر ما الـتفتوا کثیراً إلـیٰ سؤالـه، فضلاً عن الجواب.
[[page 318]]والـذی یظهر لـی: أنّ فی قصّـة آدم إلـیٰ هنا أمرین: أحدهما قصـة مذکورة وهو نسبـة الـفساد والـسفک إلـیٰ آدم وقصّـة غیر مذکورة، وتکون خیالـیـة وخطوراً ذهنیاً، وهو أنّ آدم یُفسد، وهو مفضول عملاً وعلماً، فکیف یُجعل خلیفةً وهذا سرّمکتوم، وکانوا یکتمونـه ولا یبدونـه، فالآیـة تشیر إلـی هذا الـمعنیٰ ظاهراً، ولأجلـه ورد قولـه تعالـیٰ: «إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ» إلاّ أنّ الـصدق بالـمعنیٰ الـذی ذکرنا، لا بالـمعنیٰ الـذی ذکره الـمفسّرون؛ لـما عرفت أنّ الـخواطر الـذهنیـة لاتوصف بما یوصف بـه الـکلام من الـصدق والـکذب، فافهم واغتنم.
[[page 319]]