الوجه الثامن
أثر نقل سجود الملائکة لآدم
حیث امتلأت الـنفوس الإسلامیـة ونفوس الـمتشرّعـة ـ من ابتداء ظهور الإسلام إلـیٰ زماننا هذا ـ من أفضلیـة الـملائکـة، فالأمر بسجدتهم لـه خلاف الـبلاغـة، وأنّـه یوجب الارتباک وتقدیم الـمرجوح علیٰ الـراجح.
وفیـه جهات من الـنظر: أنّ طائفـة منهم أفضل، وهم الـمهیمنون وأنّ آدم فیـه من الـقوّة الـمتحرّکـة إلـیٰ مقام «أو أدنیٰ»، فالـسجدة حین الأمر موجبـة لارتقائـه الـمتأخّر، وأنّ فی بدو الإسلام وإن کان الأمر کذلک؛ نظراً إلـیٰ ما کانوا یسمعون من بعض الـکتب الـسالـفـة، ولکن بعد الـحرکـة الإسلامیـة وجهود الـرسول الأعظم، الـتفتوا إلـیٰ مقام آدم ومرتبتـه ومنزلتـه، وأنّ أفضلیتهم علیـه غیر واضحـة، مع أنّ فی الآیـة إشعاراً بأنّ آدم مسجود الملائکـة، فکیف یرتضی بالـسجدة لـلأوثان والأصنام؟!
وعلیٰ کلٍّ تکون الـسورة مدنیـة، والـمسلمون ملتفتون إلـیٰ بعض الـمسائل الـعالـیـة بتوجیـه الـقرآن الـعزیز، فلا معنی لاشمئزازهم من سماع الـسجدة لآدم، بل یفتخرون ویندمون علیٰ ما کانوا یصنعون.
[[page 394]]