سورة البقرة

الوجه الثالث : حول جواز الأمر بالقبیح

الآیة الخامسة و الثلاثون إلی الآیة التاسعة والثلاثین / المقام الثانی : البحوث الراجعة إلیٰ آیاتها

کد : 161650 | تاریخ : 25/02/1385

الوجه الثالث

‏ ‏

حول جواز الأمر بالقبیح

‏ ‏

‏فی جواز أمره تعالـیٰ بالـقبیح وعدمـه کلام:‏

‏فمن قائل: إنّ الأمر یشهد علیٰ أنّـه لـیس بقبیح واقعاً وإن کان قبیحاً‏‎ ‎‏بحسب الـفهم الـبسیط.‏

‏ومن قائل: إنّـه مالـک کلّ شیء، فلـه کلّ شیء. والـحقّ امتناعـه.‏

‏وربّما یستدلّ علیٰ الـجواز بقولـه تعالـیٰ: ‏‏«‏قُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ‎ ‎عَدُوٌّ‏»‏‏فإنّ الـظاهر أنّ اللازم هو الـهبوط الـمقیّد بکون بعضهم عدوّاً لـبعض‏‎ ‎‏آخر، وإلاّ فما کان آدم بالـنسبـة إلـیٰ زوجـه عدوّاً، ولا بالـقیاس إلـیٰ‏‎ ‎‏الـشیطان حسب هذه الآیات، وإنّما کان الـشیطان عدوّهما، أو کان الـشیطان‏‎ ‎‏یعتقد ذلک؛ من غیر أن یکون صاحب نظر سوء‏‎[1]‎‏.‏

‏ویحتمل أن یکون معنیٰ الآیـة: أنّ الأمر بالـهبوط أمرُ تکوینٍ، لا تشریع؛‏‎ ‎‏کی یُبحث عن کونـه تحریماً أو تنزیهاً، فیسقط بحوث الـمفسّرین کلاًّ، وقولـه‏
‎[[page 459]]‎‏تعالـیٰ: ‏‏«‏بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏»‏‏، أیضاً إبداء لـهذه الـجهـة؛ نظراً إلـیٰ‏‎ ‎‏الـمصالـح الـکلّیـة الـنوعیـة، فلایکون إخباراً، بل بنفس قولـه تعالـیٰ:‏‎ ‎‏«‏بَعْضُکُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‏»‏‏ صار بعضهم عدوّاً لـلآخر، فلاتکون أوامر اللّٰه تعالـیٰ‏‎ ‎‏فی هذه الـمسائل إلاّ کلمح بالـبصر أو هو أقرب.‏

فبالجملة:‏ لایُعقل صدور الـقبیح منـه تعالـیٰ؛ لأنّـه ظلم، ویمتنع الـظلم‏‎ ‎‏علیـه، حسب ما تحرّر فی محلّـه، وأمّا احتمال کون الـمخاطب طبیعیَّ آدم فهو‏‎ ‎‏الحقّ فی المقام ظاهراً، فلامنع من خطاب الـجمع، ولایکون جملـة ‏‏«‏بَعْضُکُمْ‎ ‎لِبَعْضٍ‏»‏‏ قیداً، بل فی موقف إظهار الـتعلیل، ویسقط کثیر من بحوث القشریـین.‏

‏واحتمال کون الـمراد ذرّیـة آدم الآتیـة فی الأزمنـة الـموجودة فی‏‎ ‎‏عالـم الـذَّرّ، وإن کان مُمکناً، ولکنّـه خلاف ظاهر الآیات جدّاً.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 460]]‎

  • )) اُنظر التفسیر الکبیر 3: 17.

انتهای پیام /*