التفسیر بالقرآن
«وَقُلْنَا یَا آدَمُ» وهو فی سلسلـة الأنبیاء «إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفَی آدَمَ وَنُوحاً وآلَ إِبْرَاهِیمَ وَآلَ عِمْرَانَ». «وَقُلْنَا یَا آدَمُ» وهو أمر کلّیّ سِعیّ أو منطقی «وَلَقَدْ خَلَقْنَاکُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاکُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاَئِکَةِ اسْجُدُوا لاِدَمَ»، مع أنّ آدم کان مبدأ الـنوع والـکثرة الـخطابیـة. «وَقُلْنَا یَا آدَمُ» وهو مخلوق من تراب «إِنَّ مَثَلَ عِیسَیٰ عِنْدَ اللّٰهِ کَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ».
«أُسْکُنْ أَنْتَ وَزَوْجُکَ الجَنَّةَ» وکان زوجـه من نوعـه «هُوَ الـَّذِی خَلَقَکُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا»، فإنّ عموم الـخطاب یقتضی ذلک، فیلاحظ.
[[page 484]]والـجنّـة کما تُطلق علیٰ جنان الـقیامـة تُطلق علیٰ جنان الـدنیا «کَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ»، «وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ»، «لَقَدْ کَانَ لِسَبَأٍ فِی مَسْکَنِهِمْ آیَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ یَمِینٍ وَشِمَالٍ»، «جَعَلْنَا لإِٔحَدِهِمَا جَنَّتَیْنِ».
«وَکُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَیْثُ شِئْتُمَا» والـمراد من الأکل معنیً أعمّ من الـخَضْم والـمَضْغ «فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا».
«وَلاَتَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَکُونَا مِنَ الظّٰالِمِینَ» کنایـة عن الأکل منها، ولیس مجرّد الـقرب عصیاناً وإنّما هو کثیر فی الـکتاب «لاَتَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُکَارَیٰ»، «وَلاَتَقْرَبُوا الفَوَاحِشَ»، «وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الیَتِیمِ»، «وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَا»، «تِلْکَ حُدُودُ اللّٰهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا»، «وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّیٰ یَطْهُرْنَ»، «فَلاَیَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ». ومن قولـه تعالـیٰ:
[[page 485]]«فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا»، وقولـه تعالـیٰ: «فَأَکَلاَ مِنْهَا» یتعیّن الـقرب فی کونـه کنایـة.
و«الـشجرة» فی مواضع من الـکتاب توصف بأمور غیر جسمیـة، ویتبیّن أنّها کلمـة اُرید بها إفادة أصل لـه فروع حاصلـة منـه: «وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ یَسْجُدَانِ»، «مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ»، «فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا»، «وَالشَّجَرَةُ المَلْعُونَةُ فِی القُرْآنِ»، «شَجَرَةِ الخُلْدِ»، «فی الْبُقْعَةِ الْمُبَارَکَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ»، «شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِی أَصْلِ الْجَحِیمِ».
«فَتَکُونَا مِنَ الظّٰالِمِینَ» الـمتعدّین عن الـحدود الـتشریعیـة او الـتکوینیـة الـفردیـة والـنوعیـة «قَالَ رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ»، «وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُوماً جَهُولاً»، «وَأَنَّ اللّٰهَ لَیْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِیدِ».
«فَأَزَلَّهُمَا الشَّیْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا کَانَا فِیهِ» هنا فاءات ثلاث «فَتَکُونَا»، «فَأَزَلَّهُمَا»، «فَأَخْرَجَهُمَا» فبین تلک الـموادّ سِنخیـة وترتّب،
[[page 486]]والإزلال غیر الـعمل الـخارجی، «فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا»، «فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْکُمُ الْبَیِّنَاتُ».
[[page 487]]