المسألة الرابعة
حول کلمة «العهد»
قد مرّ الـکلام حول «الـنعمـة» عند قولـه تعالـیٰ: «أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ»، ویأتی ـ إن شاء اللّٰه تعالـیٰ ـ تحقیق «الـوفاء» عند قولـه تعالـیٰ: «یَا أَیُّهَا الـَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».
وأمّا «الـعهد» فقیل ـ کما فی «الأقرب»: إنّ أصلـه الـحفظ والـرعایـة حالاً بعد حال، وهو مختار الـراغب الأصفهانی، وهو غلط؛ لأنّ من الـعهد ما هو لازم، ومنـه ما هو متعدٍّ، فلابدّ من الالتزام بالأصلین، فإنّ الـعهد بمعنی «الـوصیّـة» یتعدّیٰ بـ«إلـیٰ»، بخلاف الـعهد بمعنیٰ الـوفاء والـحفظ، فإنّـه یتعدّیٰ بنفسـه.
نعم یمکن أن تکون لـفظـة «الـعهد» موضوعـة لـمعنیً محصول هو نتیجـة الـمعنیـین، وذلک هو الـقرار، فإنّـه یحصل من الـمعاملـة والـمعاهدة والـمحافظـة، کما یحصل من الـوصیّـة، فهو أولیٰ بکونـه أصلاً محفوظاً فی جمیع مشتقّاتـه؛ سواء کان من قبیل قولـه تعالـیٰ: «لاَ یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ»، أو قولـه: «کُلَّمَـٰا عَاهَدُوا»، أو قولـه تعالـیٰ: «إِنَّ الْعَهْدَ کَانَ مَسْؤولاً» ویؤیّد ذلک ما اشتهر أنّ الـعهد والـعقد متقاربان أو متساوقان، إلاّ
[[page 525]]أنّ الـعقد هو الـعهد الـمشدّد، وسیأتی توضیح الـمسألـه بمزید بیان ـ إن شاء اللّٰه تعالـیٰ ـ عند قولـه تعالـیٰ: «لاَ یَنَالُ عَهْدِی الظَّالِمِینَ».
[[page 526]]