البحث الرابع
حرمة الغشّ وبطلان المعاملة
یمکن الاستدلال علیٰ حرمـة الـغشّ بقولـه تعالـیٰ: «وَلاَتَلْبِسُوا الحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَکْتُمُوا الْحَقَّ»، وحیث إنّ فی الـغشّ تلبیس الـواقع وکتمان الـحقیقـة، فیکون منهیّاً عنه وحراماً، وأمّا بطلان الـمعاملـة فلا دلیل علیـه إلاّ من جهـة حرّرناها فی الاُصول، وهی امتناع إمضاء الـمبغوض، فإنّ الـمبغوض منفور عنـه وجوداً وإیجاداً، وإمضاء الـمعاملـة متوقّف علیٰ الـرضا بها، والارتضاء والـطیب والإرادة.
وتوهّم: أنّ ما هو الـمحرّم هو الـمعنیٰ الحدثی الصدوری، وماهو المرضی ومورد الطیب هو المعنیٰ الـمسبّبی الـتبادلی، فی غیر محلّـه؛ لأنّ ما هو الـمبغوض هو الـسبب بما هو سبب ملازم للمسبّب، فلایمکن الـتفکیک والـتفصیل فی الاُصول.
نعم قد حرّرناه فی الـفقـه فی ذیل قولـه تعالـیٰ: «وَلاَتَأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبَاطِلِ ...» إلـیٰ آخره أنّ عنوان الـحقّ والـباطل حسب الـشرائع الـسماویـة والـمادّیـة، یختلف مصداقاً وتطبیقاً، ولایصحّ الـتمسّک بمثل هذه الآیات علیٰ حرمـة الـباطل، بعد کون تشخیصـه بید الـشرع، واختلاف الـعرف والـشرع فی الـموارد والـموضوعات، نعم مع قیام الـقرینـة ـ کما فیما نحن فیـه ـ أو ورود الـنصّ، یتمّ الاستدلال، فلیتدبّر.
[[page 556]]