الوجه الرابع عشر
المراد بالظلمات
اختلفوا فی « الـظلمات»: فقال ابن عبّاس: هی ظلمـة الـعذاب، وقال مجاهد: ظلمـة الـکفر، وقال قتادة: ظلمـة یُلقیها اللّٰه علیهم بعد الـموت، وقال الـسّدِیّ: ظلمـة الـنفاق.
ولأحد یقول: هی جمع، ویصحّ إرادة الـکلّ.
ولآخر دعویٰ: أنّ الـظلمات الـتی وقعوا فیها هی الـظلمات الـمذکورة فی الآیات الـسابقـة؛ من الإسنادات الـباطلـة و الـمقاصد الـفاسدة الـتی یبیّنها قولـه تع الـیٰ: «وَنَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ»، وقولـه تع الـیٰ: «وَمَا کَانُوا مُهْتَدِینَ»، وقولـه تع الـیٰ: «یُخَادِعُونَ اللّٰهَ»، و«فِی قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّٰهُ مَرَضاً»، وقولهم: «إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ» وقولهم: «کَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ»، وقولهم: «إِنَّا مَعَکُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ»، وقولـه تع الـیٰ: «وَیَمُدُّهُمْ فِی طُغْیَانِهِمْ یَعْمَهُونَ»وقولـه تع الـیٰ: «وَمَا کَانُوا مُهْتَدِینَ»، فهم واقعون فی هذه الـظلمات الأخلاقیـة والاعتقادیـة و الـفعلیـة و الـقولیـة،
[[page 85]]ولمکان إفادة عدم الاختصاص بما ذُکر نُکِّرت «ظُلُمات» مثلاً، ویفید الـتنکیر أنّ الـظلمات لیست مترشّحـة عن الـذوات، بخلاف نورهم، فإنّ کلّ مولود مخلوق علیٰ أصل نوری، و الـظلام من سوء الآباء والاُمّهات.
[[page 86]]