المبحث الرابع
حـول کملة «أظلم»
أظلم الـلیل: صار مُظلماً، و الـقوم: دخلوا فی الـظلام، وأظلم علیهم
[[page 214]] الـلیل، و الـثَّغْر: تلألأ، و الـرجل: أصاب ظُلماً أو ظَلْماً.
وفی « الـبحر»: توهّم أنّ الـزمخشری استظهر أنّـه یتعدّیٰ بنفسـه، وهو فی غیر محلّـه، ثمّ قال: ولـه عندی تخریج غیر ما ذکر الـزمخشری، وهو أن یکون أظلم غیر متعدٍّ بنفسـه لمفعول، ولکنّـه یتعدّیٰ بحرف جرّ؛ أی یجوز أظلم اللّٰه الـلیلَ علیهم. انتهیٰ ما أردناه.
وهذا اجتهاد فی الـلُّغـة؛ لأنّ الـتعدیـة أیضاً لیست قیاسیـة کلّیـة، ولاسیّما بغیر الـباء الـجارّة الـتی هی عدّت شبـه قیاس دون غیرها، ولا یجوز توجیـه الـلغـة بالاستعمال، فإنّ باب الاستعمال أوسع من الـحقیقـة و الـمجاز بأنواعـه وأقسامـه الـمتداولـة فی لغـة الـعرب خصوصاً، وفی غیرها أیضاً، وأمّا ما جزم بـه ابن الـصلاح بوروده لازماً ومتعدّیاً، وقد صرّح بـه أیضاً الأزهری فی « الـتهذیب»، فهو معارض بتصریح ابن م الـک وغیره، مع أنّ من الـمحتمل أخذ بعضهم من بعض، وهذا لا ینفع، أو اعتمادهم علیٰ قضیـة قیاس باب الإفعال، وقد کثر الـلزوم فیـه جدّاً، کما هو ربّما یأتی للمطاوعـة، کـ «أکبّ» وأعرض لـ «کبّ» و«عرض». هذا، مع عدم کون الـظلام فعلاً من الأفعال یتعلّق بـه الـسبب الـمولّد، بل هو أمر یحصل قهراً بذهاب سبب الـنور، فلایتعلق بـه الـجعل حقیقـة، ولو تعلّق بـه فی الـظاهر فهو مؤوّل.
[[page 215]]فب الـجملـة: هذا من شواهد لزومه، کما هو الـمصرّح بـه فی الـلغـة عامّةً. ومن الـعجیب تصریح « الـتهذیب» ب الـقیاس حیث أخذ تعدیة أظلم من سـائـر أوصاف الـظلام؛ معلّلاً: بأنّها لازمـة ومتعدّیـة. انتهیٰ. واللّٰه الـع الـم بمـا ق الـه.
ومن هنا ومن مواضع اُخر یظهر ضعف کتاب « المنجد فی اللُّغـة»؛ لأنّه جمع بین الـلغـة وما فی بعض کلمات أهل الأدب؛ من غیر إشارة إلـیٰ ذلک.
[[page 216]]