سورة البقرة

الوجه التاسع : حـول التفریع فی «فَلا تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدادَاً»

کد : 161999 | تاریخ : 07/04/1385

الوجه التاسع

‏ ‏

حـول التفریع فی ‏«‏‏فَلا تَجْعلوا للّٰه أنْداداً‏‏»‏

‏ ‏

‏قضیّـة  الـقواعد الأوّلیّـة أن تکون  الـهیئـة فی قولـه تع الـیٰ: ‏‏«‏فَلاَ‎ ‎تَجْعَلُوا لِلّٰهِ أَنْدَاداً‏»‏‏للتحریم، فتکون زجراً بداعی إفادة  الـحرمـة  الـذاتیـة،‏‎ ‎‏ولکنّ  الـمناسبـة  الـمشهودة من ابتداء الآیـة  الـسابقـة إلـیٰ هنا، تقضی بأنّها‏‎ ‎‏للإرشاد، فإنّـه تع الـیٰ أخذ فی توجیـه  الـناس إلـیٰ  الـعبادة؛ بذکر  الـعلل‏‎ ‎‏و الـموجبات  الـعقلیـة، وب الـتنبیـه إلـیٰ الأسباب الإنسانیـة والاُصول‏‎ ‎‏الأخلاقیـة، وأنّ اللّٰه  الـذی هو ربّکم وربّ  الـسابقین علیکم، و الـذی جعل‏‎ ‎‏لکم الأرض فراشاً و الـسماء بناءً، واللّٰه الّذی أنزل من السماء ماءً لکم، وأخرج‏‎ ‎‏بـه رزقاً لکم من أنواع الثمرات لا ینبغی أن تجعلوا لـه أنداداً.‏

‏وهذا أحسن طریقـة فی الأدب و الـبلاغـة، فإنّ فی  الـنهی خشونـة‏
‎[[page 367]]‎‏لایتحمّلها الإنسان  الـطاغی و الـبشر  الـمتمرّد، بخلاف هذه  الـسبیل  الـتی‏‎ ‎‏تلائم  الـطباع کلاًّ، وتناسب الآراء  الـمختلفـة و الـمعاندین من  الـملحدین‏‎ ‎‏و الـمشرکین.‏

ومن هنا یظهر‏ وجـه الإتیان ب الـفاء، وأنّ ذکر جمیع هذه  الـنعم‏‎ ‎‏و الـموائد و الـعوائد والآلاء و الـنعماء، مقدّمـة وتوطئـة لما هو  الـمقصود‏‎ ‎‏ب الـذات؛ بأن یطرحوا الأنداد و الـشرکاء والأضداد والأصنام و الـمعبودات‏‎ ‎‏ویتمسّکوا بعبادة اللّٰه، ولأجل الاهتمام بشأن عبادة اللّٰه تع الـیٰ أتیٰ باسم‏‎ ‎‏ الـذّات وب الـعلم  الـشخصی.‏

وغیرخفیّ:‏ أنّ  التوجیهات  السابقة علیٰ مدار الأسماء  الـکلّیـة و الصفات‏‎ ‎‏ الـعامّـة، ثمّ بعد ذلک انتقل إلـیٰ ذکر  الـعَلَم  الـشخصی انتقالاً من  الـکلّی إلـیٰ‏‎ ‎‏ الـجزئی، ولأنّ  اللازم فی  الـعبادة أن یکون  الـعبد متوجّهاً إلـیٰ اللّٰه  الشخصی،‏‎ ‎‏لا إلـیٰ  الـکلّی ولو کان لا ینطبق إلاّ علیٰ  الـجزئی و الـشخصی  الـخاصّ.‏

‏وما قد یتوهّم: أنّ  المقام من باب ذکر  الـمُظهَر مقام  الـمضمر غیر تامّ، بل‏‎ ‎‏ المقام من باب توجیـه  العباد من  الکلّیات  الـفطریّـة إلـیٰ  الـقضیّـة  الشخصیّة.‏

‎ ‎

‎[[page 368]]‎

انتهای پیام /*