المعنی الثالث للنقل :
ثمّ إنّ لـلنقل معنیً آخر:
وهو کون الإجازة تمام الـسبب لـلانتقال والـملکیّـة، وتمام الـموضوع لاعتبار حکم الـعقلاء بالـنقل والانتقال، ولیست هی شرط الاقتضاء، ولا جزء الـمقتضی؛ وذلک لأنّ حقیقـة الـمعاملـة لـیست إلاّ اعتبار الـمبادلـة فی اُفق الـنفس، ولیست ألفاظ الـعقود إلاّ مظهرات لـما فی تلک الـمرحلـة، وإذا کان اعتبار الـفضولیّ تخیّل الاعتبار، ولا واقعیّـة لـه عقلائیّـة، فلا مظهریّـة لـعقده، وإذا أجاز الـمالـک فلایکون إلاّ عن اعتبار الـتبادل، فتحصل حقیقـة الـمعاوضـة قبل إظهار الإجازة، وتکون الإجازة مظهرة للمعاملـة الـمعتبرة فی نفسـه وذهنـه، فتکون ناقلـة.
وأنت خبیر بما فیـه؛ لـما تقرّر فی الاُصول: من أنّ الاعتبارات ذات وعاء؛ وهو الـخارج الاعتباریّ، وما فی اُفق الـنفس لـیس إلاّ تصوّر الـمبادلـة ولحاظ الـمعاملـة، فما دام لـم یُنشأ فی الـخارج بإنشاء اعتباریّ فی الـخارج الاعتباریّ - الـمتّحد مع الـخارج الـحقیقیّ عند الـعرف والـعقلاء - لایکون موضوعاً لـلأثر بالـضرورة.
مع أنّ هذا یرجع إلـیٰ إنکار صحّـة عقد الـفضولیّ بوجـه آخر غیر الـوجوه الـسابقـة، وقد عرفت ضعفـه.
ولو سلّمنا أنّـه لایستلزم فساده؛ ضرورة أنّ الـفضولیّ یعتبر الـتبادل،
[[page 128]]إلاّ أنّ الإجازة لاتـتصوّر إلاّ بعد اعتبار الـمبادلـة مع إلـغاء قید صدوره عن الـفضولیّ؛ لـعدم دخالـتـه فی الـصحّـة، فیلزم تکرّر الـمبادلـة الاعتباریّـة؛ إحداها: من الـفضولیّ، والاُخریٰ: من الـمالـک، ولا شبهـة فی أولویّـة الـثانیـة فی الـتأثیر من الاُولیٰ، فتکون الإجازة مظهر الـمبادلـة الاعتباریّـة الـواقعـة فی اُفق نفس الـمالـک، وتمام الـسبب لـلنقل والانتقال.
أقول: الـمشهور کون الإجازة ناقلـة؛ بمعنیٰ دوران أمرها بین أحد الأمرین أو الاُمور، من غیر دخالـة اختیار الـمالـک فی ذلک، والـذی هو الـمختار حسب الـقواعد: أنّ أمر ذلک بید الـمالـک، فإن شاء أجاز من حین، وإن شاء أجاز من رأس، وقد ذکرنا ذلک فی الـفسخ أیضاً، فلیست ناقلیّـة الإجازة قهریّـة، وسیظهر لـک وجهـه إثباتاً، ولا مانع من الالتزام بـه ثبوتاً؛ لـما عرفت فتدبّر.
[[page 129]]