الجهة الثالثة : فی جریان نزاع الکشف والنقل فی بیع العین المرهونة
بنـاءً علی الاحتیـاج إلـی الإجـازة، فهـل یجـری نـزاع الـکشف والـنقل، أم لا؟
وعلی الثانی: فهل علی الـقائل بالـکشف الالتزام بالـصحّـة نقلاً، أو الالتزام بالـفساد؟
ثمّ إنّ الـنزاع الـمزبور هل یأتی فی الـفکّ؛ بناءً علیٰ عدم کون الإجازة بید الـمالـک.
أمّا جریانـه وعدمـه ففیـه وجهان، بل قولان؛ ظاهر بعض الأصحاب رحمهم اللهالـمنع معلّلاً: «بأنّ معنی الـکشف لایجتمع مع تعلّق حقّ الـغیر بالـملک فی زمن الـکشف، فیتعیّن الـنقل».
[[page 256]]وصریح الـوالـد الـمحقّق ـمدّظلّه - جریانـه علی الـکشف الانقلابیّ الـمسمّی ب«الـحکمیّ» والـکشف الـتعبّدی، دون الـکشف الـحقیقیّ؛ لأنّ ما لا یجتمع هو هذا، دون الأوّلین.
ثمّ إنّ قضیّـة ما اخترناه من أنّ الـکشف والـنقل باختیار الـمالـک، عدم الـفرق بین الـفضولیّ وما نحن فیـه، فللمالـک أیضاً إجازة الـبیع من الأوّل، کما لـه إجازة الـبیع من الـوسط والآخر؛ لأنّ حین الإجازة لا منع، وحین الـمنع لا إجازة کما لایخفیٰ.
وأمّا بناءً علیٰ عدم جریان الـنزاع، فظاهر الـقائلین بالـکشف فساد الـعقد؛ لـتمسّکهم علی بطلان الـنقل بأنّـه خارج عن مضمون الـعقد.
ویمکن دعویٰ: أنّ اختلاف الـمسالـک فی الـکشف یورث الاختلاف هنا، فإنّ من الـقائلین بالـکشف الـمحقّق الـرشتیّ قدس سره فإنّـه أفاد «أنّ الإجازة کاشفـة عن الـرضا الـتقدیریّ» وقضیّـة ذلک هی الـصحّـة نقلاً من الـوسط، أو من حین الإجازة؛ لـدورانها مدار الـکشف عن حین تحقّق الـرضا الـتقدیریّ.
وقد یقال: إنّ الأمر دائر مدار الـکشف أو الـنقل؛ بمعنیٰ أنّ قضیّـة الأدلّـة عند الـقائلین بالـکشف أنّ الـنقل غیر صحیح، وهکذا الـعکس، فلا معنیٰ لالتزام إحدی الـطائفتین بمقالـة الاُخریٰ فی مورد؛ لـلزوم خرق
[[page 257]]الإجماع باختیار الـتفصیل بین الـموارد فی الـکشف والـنقل فما قد یقال: من أنّ مقتضی الـجمع بین الأدلّـة هو الـنقل، إلاّ فی موارد خاصّـة تدلّ علیها بعض الـروایات، فی محلّ الإشکال.
الـلهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ الـمسألـة صناعیّـة، ولیست إجماعیّـة.
وأمّا جریان الـنزاع الـمزبور فی الـفکّ؛ وأنّـه کاشف أو ناقل، فقد یقال بناقلیّتـه؛ لأنّـه یرجع إلـیٰ قصور فی الـعلّـة، فیکون الإسقاط والإبراء والفکّ وسقوط الـحقّ ـکالـقبض فی الـصرف والسلم - من أجزاء العلّة.
وفیه: إن اُرید من «الـعلّـة» الـماهیّـة فهو ممنوع، وإن اُرید من «الـعلّـة» الـماهیّـة الـمؤثّرة فهو لایستلزم عدم الـجریان؛ لأنّـه کالإجازة.
والـذی هو الأقرب: أنّ الـحقّ مانع فی زمن متوسّط بین الـعقد والـفکّ، فإذا منع الـعقد عن الـتأثیر، وکان مضمونـه ترتّب الأثر علیـه من الابتداء، فلا منع من تأثیره بعد الـفکّ ورفع الـمنع وتحقّق الـشرط.
ویمکن أن یقال: بأنّ الـقائل بهذه الـمقالـة لابدّ وأن یلتزم بالـبطلان؛ لأنّ الإجازة تـتعلّق بإنفاذ مضمون الـعقد، فلابدّ من لـحاظـه فی ظرف وقوعـه، ولولا الـلحاظ فلا واقعیّـة لـه فی ذلک الـزمان؛ لـمضیّـه، والـفکّ غیـر ناظـر إلـی الـعقد، فیکون الـممنوع بعد رفع الـمنع بلا مضمون. وهذا نظیر الاستصحاب الـمتقوّم بلحاظ الـحالـة الـسابقـة، وإلاّ فهی معدومـة
[[page 258]]بحسب الـواقع.
ثمّ إنّ ما سلکناه من أنّ الإجازة بید الـمالـک، یقتضی الـقول بالـنقل هنا؛ لـتقوّم الانقلاب من الأوّل وصیرورة الـبیع الإنشائیّ بیعاً حقیقیّاً من الأوّل بلحاظ الـمالـک، وعند فقد ذلک فلا وجـه لـلقول بالـکشف من الأوّل، ولذلک عـدّ الـمحقّق الـثانی الـفکّ ممّـا لایجری فیـه الـنزاع، فلاحظ وتدبّر جیّداً.
[[page 259]]