المسألة الثالثة: فی إبراء المالک واحداً من السلسلة بعد تلف العین
إذا أبرأ الـمالـک بعد تلف الـعین واحداً من الـحلقات الـمتوسّطة، فعلی ما سلکناه فرضاً من تعدّد الـوجود الاعتباریّ حسب الأیادی الـمختلفة، وکون ضمان الـغاصب الأوّل بالـنسبة إلـی الـمالـک، بعین ضمان الـغاصب الـثانی بالـنسبة إلـی الأوّل والـمالـک من غیر فرق، وکون نفس الـمأخوذ بعد الـتلف فی الـذمّة اعتباراً، فللمالـک حقّ الـمراجعة إلـی الـکلّ فی عرض واحد، ولیس الإبراء إلاّ إسقاط ما فی ذمّة الـمبرأ، فلایلزم سقوط سائر الـذمم، فلا معنی لسقوط حقّ مراجعة الأوّل إلـی الـثانی.
نعم، حسب الـقطع الـخارجی بعدم استحقاق الأکثر من واحد، یعلم أنّه إذا صالـح بشیء فلیس له الـمراجعة إلـی الآخرین، وأمّا الإبراء فلا یستلزم ذلک، ویعلم أنّ الـضامن الأوّل لا یستحقّ الـمراجعة إلـی الـضامن الـثانیإلاّ بعد مراجعة الـمالـک إلـیه، أو بعد الـعلم برجوع الـمالـک إلـیه، بل یجوز له الـرجوع والأخذ، ولکنّه لایجوز له الـتصرّفات إلاّ بعد الابتلاء بالـخسارة.
فبالـجملة: حکم تلف الـعین هو استحقاق الـمالـک للرجوع إلـی
[[page 50]]الــسابق والـلاحق، واستحقاق الـسابق للرجوع إلـی الـلاحق، وإذا کانالإبراء هو الإسقاط کما هو کذلک، فلا منع من الالتزام ببقاء حقّ الـمراجعة إلـی الآخرین، وعلیه یکون حقّ مراجعة الـسابق إلـی الـلاحق محفوظاً.
والـحاصل: أنّ الـمناط فی بقاء الـحقّ للضامن الأوّل، استحقاق الـمالـک للرجوع إلـیه، فإن استلزم الإبراء سقوط حقّ الـمالـک، فلایبقی موضوع لمراجعة الـضامن الأوّل إلـی الـثانی، وهکذا، کما لا یخفی.
ثمّ إنّه علی الـمسالـک الاُخر تفصیلات طویلة الـذیل یعلم إجمالـها ممّا مضی سبیله فی الـمسألتین، فتأمّل جیّداً.
[[page 51]]