الجهة الثامنة: حول أنّ ولایة الجدّ فی طول ولایة الأب فی هذا المقام
لا شبهة حسب الـنصّ والـفتوی، فی أنّ الـجدّ یتقدّم علی الأب فی عقد الـنکاح عند الـتزاحم. وثبوت هذا هنا بناءً علی الأخذ بإطلاقات الـتنزیل أیضاً قویّ. ولکن قد عرفت منّا قصورها عن إفادة مرام الـقوم فی هذه الـمسألة، فعلی هذا کلّ واحد من الأب والـجدّ مختار فی الـتصرّف، وهذا هو الـمعروف عنهم.
ولکن قد عرفت منّا: أنّ الـولایة الـثابتة للأب والـجدِّ، لیست إلاّ لأجل قیام الـبناء الـعقلائیّ والـسیرة الـعملیّة وهی لا تفید ثبوتها للجدّ مع وجود الأب، ولا دلیل شرعیّ یورث ولایة الـجدّ فی عرض الأب، والـتجاوز من عقد الـنکاح إلـی هذه الـمسألة وإن کان ممکناً حسب بعض الـتقاریب الـسابقة، ولکنّه یشکل الاعتماد علیها للإفتاء، فمع فقد الأب لا إشکال فی تقدّم الـجدِّ، وأمّا مع وجوده ففی نفوذ تصرّفاته إشکال؛ إلاّ مع توافق الأب معه، فالأب مستقلِّ، دون الـجدِّ، بل هو حینئذٍ کالأجنبیِّ؛ حسبما یظهر لی، فما نسب فی بعض الـکتب إلـی الـشهرة بین الأصحاب الأقدمین؛
[[page 168]]من أنّ ولایة الـجدّ ثابتة حال حیاة الأب، فی غایة الـضعف، بل الـمتراءی عکس ذلک.
وقد عرفت فی الـجهتین الـثالـثة والـثانیة اقتضاء بعض الإطلاقات ثبوت الـولایة للجدّ، ولکنّها فی صورة فقدان الأب، فلو لا مخافة احتمال وجود الإجماع فی الـمسألة، لکان هذا هو الـمتعیّن قطعاً.
ثمّ إنّه بعد ما فرضنا ولایته فی عَرْض ولایته، فهل یکون ضامناً إذا تصرّف الآخر تصرّفاً غیر جائز، أم لا؟ مثلاً لو تصرّف الأب تصرّفاً مفسداً لأموال الـصغیر، فلا شبهة فی استقرار الـضمان علیه، فهل یجوز للصغیر الـرجوع إلـی الـجدّ إذا بلغ أیضاً، أم لا؟ وجهان: من أنّه أمین، ولم تثبت خیانته، ومن أنّه ولیِّ، ولابدّ له من رعایة تصرّفات الآخر؛ فإنّ الـصغیر تحت سلطانه حسب الـفرض، فلو أخلّ بذلک یعدّ من الـخیانة فی الـحفظ.
وإن شئت ففصّل بین صورتین: إن تصرّف أحدهما بدون اطّلاع الآخر ولم یکن الآخر مفرّطاً ولا متعدّیاً، فلا ضمان، وإلاّ فکلّ واحد منهما ضامن، ویستقرّ الـضمان علی من أتلف الـمال.
[[page 169]]