الجهة الاُولی: فی قضیّة البناءات العقلائیّة
وقد مرّ منّا: أنّ بناءهم فی الآباء والأجداد علی أولویّتهم بالـنسبة إلـی الـصغار، وهکذا بالـنسبة إلـی غیر الآباء والأجداد من أکابر الأقارب والـعشیرة، بل والـمحلّة والـبلدة بعد کونهم مراعین لحقوقهم، وهذا هو
[[page 251]]الـمعروف عنهم، وعند وجود الـحکومة فهی أولی عندهم فی ضبط أموالـهم والـمحافظة علیها.
وقد مرّ منّا: أنّ الأب والـجدّ لا خصوصیّة لهما عند الـعقلاء بما هما أب أو جدِّ، بل الـمناط کونهما أقرب إلـی الـطفل فی محیط الـعقلاء، فلو کان أحد من الـناس یتصدّی للاُمور فی الـبلدة مع رعایة الـعدالـة، فإنّه عندهم أولی من الأب الـذی هو خارج عن الـبلدة، وبعید عن منطقة الـطفل. وحیث قد عرفت قصور الأدلّة عن إثبات ولایة الأب علی أموال الـصغار بنحو کلّیِّ، وکان الـدلیل الـوحید هی الـسیرة الـممضاة، فالـقدر الـمتیقّن منها هو الأب والـجدّ الـقریبان من الـطفل الـمتصدّیان لاُموره، وإلاّ فیشکل نفوذ تصرّفاتهم مع وجود الألیق من الـعدول وغیرهم من الـذین کانوا متصدّین لاُموره؛ لکونهم شیوخ الـمحلّة، وکبار الـبلد، وغیر ذلک، أو غیرهم من سائر الأقارب، کالأعمام، والأخوال، والاُمّهات، وغیرهنّ ممّن قد تصدّی لأمره.
فبالـجملة: لم یثبت لی أنّ الاُبوّة والـبنوّة لهما خصوصیّة وموضوعیّة فی هذا الأمر عند الـعقلاء، أو الـشرع، فعلی هذا یمکن تجویز أولویّة الـعدول فی بعض الأحیان مع وجود الأب والـجدِّ؛ لأنّ أصل وجود الـتولّی ممّا هو ثابت من الـشرع، لعدم رضاه بالـهرج والـمرج فی مال الـیتیم والـصغیر، وأمّا أنّ هذا هو حقّ الأب والـجدّ علی الإطلاق؛ وأنّه لا تصل الـنوبة إلـی غیرهما مع وجودهما، فهو عندی غیر ثابت الـوجه، فلیتدبّر جیّداً.
[[page 252]]