الفصل السابع فی مسألة الضدّ

هل هذه المسألة لفظیّة أو عقلیّة ؟

کد : 162630 | تاریخ : 03/09/1385

هل هذه المسألة لفظیّة أو عقلیّة ؟

‏ ‏

‏وقبل الخوض فیما یستدعیه البحث عن أصل المسألة من الاُمور التالیة،‏‎ ‎‏لابأس بالإشارة إلیٰ مقدّمة: وهی أنّ هذه المسألة هل هی عقلیّة أم لفظیّة؟‏

وعلیٰ کلّ تقدیر :‏ هل هی اُصولیّة، أم لغویّة، أم تکون من المبادئ الأحکامیّة،‏‎ ‎‏أو التصدیقیّة ؟‏

أقول :‏ إن کان ملاک عقلیّة المسألة، وجود الأدلّة العقلیّة فی طیّ البراهین‏‎ ‎‏القائمة علیها، فهی عقلیّة. وإن کان مناطها عدم الاستدلال بالأدلّة اللفظیّة فهی‏‎ ‎‏لفظیّة؛ لما یأتی من الاستدلالات المختلفة فی المسألة نفیاً وإثباتاً‏‎[1]‎‏.‏

‏وإن کان سبب عقلیّة المسألة عنوان الباب، فهی لفظیّة؛ لعدم منصوصیّة لفظة‏‎ ‎‏«الاقتضاء» فی العقلیّة، بخلاف لفظ «الأمر».‏

وأمّا ما قد یقال :‏ بأنّ المسألة عقلیّة؛ لعدم النظر إلی الأمر الصادر فی‏‎ ‎‏الشریعة، بل النظر إلی الوجوب الثابت فیها، سواء کان ثابتاً باللّفظ، أو الإجماع، أو‏‎ ‎‏العقل، وأنّ عنوانها فی طیّ المباحث غالبیّ، کما عن العلاّمة النائینیّ‏‎[2]‎‏ وجماعة‏‎ ‎
‎[[page 295]]‎‏اُخریٰ‏‎[3]‎‏، فهی مخدوشة؛ وذلک لأنّ الوجوب الثابت بالإجماع والعقل، إن کان هو‏‎ ‎‏المعنی الثبوتیّ ـ وهو الشوق النفسانیّ ـ فهو لیس من الوجوب الاعتباریّ الذی هو‏‎ ‎‏المستلزم أحیاناً للنهی.‏

‏وإن کان ذلک الوجوب هو الوجوب الإنشائیّ القانونیّ المجعول علی الکلّ،‏‎ ‎‏فهو لابدّ وأن یکون فی قالب لفظیّ أو غیر لفظیّ یشبه اللفظیّ.‏

فبالجملة :‏ یتقوّم الوجوب بالإنشاء والإبراز، وأمّا لزوم تبعیّة المولیٰ فی‏‎ ‎‏ملاکات أحکامه أحیاناً، فهو أجنبیّ عن هذه المسألة عنواناً؛ لما أنّه لیس من‏‎ ‎‏الوجوب رأساً.‏

‏نعم، المرام اللاّزم استیفاؤه، کالأمر فی الاقتضاء واللاّاقتضاء، کما یأتی إن‏‎ ‎‏شاء الله تعالیٰ‏‎[4]‎‏.‏

‏ثمّ إنّه لابدّ من جامع بین الوجوب والندب فی تحریر البحث، وذلک الجامع‏‎ ‎‏هو الأمر. وأمّا الوجوب والندب الثابتان بالعقل والإجماع، فلا جامع لهما، وتصیر‏‎ ‎‏النتیجة حینئذٍ أخصّ، کما لایخفیٰ.‏

‏هذا مع أنّ حرمة الضدّ المقصود إثباتها ثمرةً لهذه المسألة، لاتترتّب علی‏‎ ‎‏الوجوب المتعلّق بالشیء عند جمع‏‎[5]‎‏؛ لإمکان أن یتوهّم أنّ الحرمة تستظهر من‏‎ ‎‏النهی الناشئ من الأمر، فلو قال المولیٰ: «تجب الإزالة من المسجد» فلایستفاد منه‏‎ ‎‏إلاّ عدم وجوب ضدّها، وأمّا حرمة ضدّها فهی تتوقّف علی النهی، والنهی لایکون‏‎ ‎‏إلاّ باعتبار الأمر.‏

فتحصّل منّا إلیٰ هنا :‏ أنّ ما تعارف فی عصرنا من توهّم أنّ المسألة إمّا عقلیّة‏‎ ‎


‎[[page 296]]‎‏أو لفظیّة‏‎[6]‎‏، غیر نقیّ جدّاً، بل هذه المسائل عقلیّة باعتبارٍ، ولفظیّة باعتبارٍ آخر،‏‎ ‎‏ولاضیر فی ذلک کما تریٰ.‏

وإن شئت قلت :‏ إذا نظرنا إلیٰ مقام الثبوت؛ وأنّ الإرادة المتعلّقة بإیجاب‏‎ ‎‏شیء، تلازم إرادة تحریم ضدّه ـ من غیر النظر إلی اللّفظ ـ فالمسألة عقلیّة.‏

‏وإذا نظرنا إلیٰ مقام الإثبات، وکان المولیٰ أفاد الوجوب بالأمر، فیمکن أن‏‎ ‎‏تکون المسألة لفظیّة؛ لأنّ من الممکن دعویٰ دلالة الأمر علی النهی، ودلالة النهی‏‎ ‎‏علی الحرمة، فیتوسّط بین حرمة الضدّ وإرادة الوجوب شیء آخر؛ وهو النهی.‏

‏وأمّا لو أفاد الوجوب بمادّته وبالمفهوم الاسمیّ، فلا شبهة فی عدم دلالته‏‎ ‎‏علی النهی بالضرورة.‏

فبالجملة :‏ کون الوجوب تارة: یستفاد من اللّفظ، واُخریٰ: من العقل أو‏‎ ‎‏الإجماع، لایورث کون المسألة لفظیّة، بل الوجوب لأجل استفادته تارة: من الأمر،‏‎ ‎‏واُخریٰ: من مادّة الوجوب، یورث کون المسألة علی الأوّل لفظیّة، وعلی الثانی‏‎ ‎‏عقلیّة.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 297]]‎

  • )) یأتی فی الصفحة 311 ـ 321 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 301 ، أجود التقریرات 1 : 250 ـ 251 .
  • )) مقالات الاُصول 1: 339، منتهی الاُصول 1: 300 ـ 301، محاضرات فیاُصول الفقه 3 : 5 .
  • )) یأتی فی الصفحة 355 .
  • )) مقالات الاُصول 1 : 341 ، مناهج الوصول 2 : 16 ـ 17 ، محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 39 و 49 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1: 301، منتهی الاُصول 1: 300، محاضرات فی اُصول الفقه 3 : 5 ـ 6 .

انتهای پیام /*