الفصل السابع فی مسألة الضدّ

وأمّا المقدّمة الثانیة

کد : 162644 | تاریخ : 19/08/1385

وأمّا المقدّمة الثانیة :

‏ ‏

‏فاُورد علیها:‏

أوّلاً :‏ بأنّ التوافق فی الحکم بین المتلازمات غیر لازم، بل اللاّزم هو عدم‏‎ ‎‏التخالف فی الحکم‏‎[1]‎‏، ولایعقل أن یکون الاستقبال واجباً، واستدبار الجدی حراماً،‏‎ ‎
‎[[page 314]]‎‏أو مستحبّاً، أو مکروهاً، أو مباحاً؛ ضرورة أنّ جعل هذه الأحکام وترشّح الإرادة‏‎ ‎‏بالنسبة إلیها، یناقض الإرادة المتعلّقة بإیجاب الاستقبال، ولکن لایلزم ترشّحها،‏‎ ‎‏فیکون علیٰ هذا ذلک الملازم ـ وهو الاستدبار ـ بلا حکم، فالفعل الإزالیّ واجب،‏‎ ‎‏ولکن ترک الصلاة لا واجب ولا محرّم، وهکذا الوفاء بالدین واجب، وترک الصلاة‏‎ ‎‏لیس واجباً.‏

وثانیاً :‏ لایعقل أن یکون العدم موضوعاً لشیء؛ سواء کان من الأعدام‏‎ ‎‏المطلقة، أو کان من الأعدام المضافة.‏

‏وما تسمع من النهی عن ترک الصلاة، والترهیب بالنسبة إلیٰ تارکها، ومن‏‎ ‎‏تروک الإحرام وغیرها، کلّها ترجع إلیٰ وجوب الفعل، وتعلّقِ الحبّ الشدید بالفعل‏‎ ‎‏وهکذا‏‎[2]‎‏؛ وذلک لأجل أنّ العدم لاحظّ له من الوجود، ولایعقل إیجاده وامتثاله حتّیٰ‏‎ ‎‏یأمر به أو ینهیٰ عنه، بل هو لا شیئیّة محضة.‏

وما اشتهر :‏ «من أنّ الأعدام المضافة لها حظّ من الوجود»‏‎[3]‎‏ من الغفلة فی‏‎ ‎‏التعلیم.‏

‏نعم، العدم مقابل الملکة، هو قوّة الوجود، ویکون هو مجرّد اصطلاح، وإلاّ‏‎ ‎‏قوّة الوجود من الوجودات الخارجیّة، ولمکان إفادتهم: «أنّه قوّة الکمال» عبّر عنه‏‎ ‎‏بـ «العدم» کما تحرّر فی محلّه‏‎[4]‎‏.‏

‏وأنت خبیر بما فی الإیراد الأوّل؛ فإنّ مقتضیٰ ما ذهب إلیه الأصحاب‏‎ ‎‏ـ رضی الله عنهم ـ وهو عدم خلوّ الوقائع عن الأحکام‏‎[5]‎‏، اعتبار حکم لعدم الصلاة.‏


‎[[page 315]]‎اللهمّ إلاّ أن یقال :‏ بأنّه لو تمّ فرضاً، یصحّ فی غیر عنوان العدم المزبور، وإلاّ‏‎ ‎‏یلزم أن یکون کلّ موضوع، ذا حکمین بالنسبة إلی اعتبار وجوده واعتبار عدمه،‏‎ ‎‏وینحلّ ـ بعبارة اُخریٰ ـ إلیٰ حکمین: حکم إیجابیّ، وحکم سلبیّ، وهذا ظاهر‏‎ ‎‏الفساد.‏

‏نعم، بناءً علیٰ ما ذهب إلیه القوم من ترشّح الإرادة فی مبحث مقدّمة‏‎ ‎‏الواجب‏‎[6]‎‏، فلابدّ من الالتزام بوجوب عدم الصلاة؛ لأنّه مثل المقدّمة، وإن لایکون‏‎ ‎‏بملاکها، کما لایخفیٰ‏‎[7]‎‏.‏

‏ولکنّک أحطت خبراً بما فیه، وأنّ ترشّح الإرادة قهراً ممّا لا أساس له فی مثل‏‎ ‎‏الإرادة التشریعیّة‏‎[8]‎‏.‏

وأمّا ما قیل :‏ من امتناع إیجاب الملازم فیما نحن فیه؛ لأنّه لغو، کما أفاده‏‎ ‎‏السیّد الوالد ـ مدّظلّه فی مبحث المقدّمة‏‎[9]‎‏، فلایعقل أن یکون عدم الصلاة واجباً‏‎ ‎‏نفسیّاً، ولا غیریّاً.‏

فهو ساقط؛‏ لما تحرّر: أنّ للمولیٰ تشدید الأمر فی مثل ما نحن فیه؛ لترغیب‏‎ ‎‏الناس إلیٰ محبوبه، وذلک التشدید کما یمکن أن یکون بجعل العقاب الشدید عند‏‎ ‎‏ترک الإزالة، یمکن أن یجعل العقاب المستقلّ عند ترک ترک الصلاة، فلاتلزم‏‎ ‎‏اللغویّة‏‎[10]‎‏. وتفصیل ذلک تحرّر وتقرّر فی بحث المقدّمة‏‎[11]‎‏.‏


‎[[page 316]]‎وبعبارة اُخریٰ :‏ یصحّ إیجاب الاستقبال مستقلاًّ، وإیجاب استدبار الجدی‏‎ ‎‏مستقلاًّ، وجعل العقاب علیٰ ترک کلّ واحد؛ نظراً إلیٰ ترغیب الناس، ووصوله إلیٰ‏‎ ‎‏مقصوده.‏

‏وأمّا الإیراد الثانی، فهو مندفع بما عرفت ذیل المقدّمة الاُولیٰ: من أنّ‏‎ ‎‏الموضوعات القابلة لأن تکون محلّ الأحکام الاعتباریّة الشرعیّة، أعمّ من کونها‏‎ ‎‏الوجودیّات أو العدمیّات‏‎[12]‎‏؛ فإنّ للشارع لحاظ ترک شرب الخمر وإیجابه، ولایجوز‏‎ ‎‏التصرّف فیه بتوهّم؛ أنّ ماهو المجعول هو الحرمة، بل المجعول هو الوجوب،‏‎ ‎‏وامتثال کلّ حکم بحسب حال موضوعه، ویکفی وجود مفسدة شرب الخمر‏‎ ‎‏لاعتبار الوجوب علیٰ ترکه فی عالم التشریع والاعتبار. ومن الخلط بین العقلیّات‏‎ ‎‏وبین الاعتباریّات والتشریع، وقعت أغلاط کثیرة فی کتب القوم.‏

‏ولأجل هذا التدقیق ذکرنا فی محلّه : أنّ الصلاة واجبة، ولعنوان «تارک‏‎ ‎‏الصلاة» أحکام اُخر خاصّة‏‎[13]‎‏، وهذا العنوان لیس یصدق بمجرّد ترک الصلاة مرّة،‏‎ ‎‏بل هو عنوان اعتبر فیه الإدمان، ولا معنیٰ لإرجاع تلک الأحکام إلیٰ ترک الصلاة‏‎ ‎‏مرّة، ولا إلیٰ أنّ هذا العنوان عدم، ولا شیئیّة للعدم‏‎[14]‎‏.‏

‏بل لنا فیما إذا ساعد الدلیل، الالتزام بوجوب الفعل، وحرمةِ الترک، کما فی‏‎ ‎‏مثل حلق اللّحیة، فإنّه محرّم مثلاً، وهنا عنوان آخر وهو واجب، وهو عنوان «إعفاء‏‎ ‎‏اللّحیٰ»‏‎[15]‎‏ فتدبّر جیّداً.‏

‎ ‎

‎[[page 317]]‎

  • )) کفایة الاُصول : 164، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1: 303 ـ 304، نهایة الأفکار 1 : 364 ـ 365 .
  • )) مناهج الوصول 2 : 18، تهذیب الاُصول 1 : 298 .
  • )) کشف المراد : 40، الحکمة المتعالیة 1 : 344، و2: 108 .
  • )) الحکمة المتعالیة 2 : 117 ، الشواهد الربوبیّة : 64 .
  • )) مفاتیح الاُصول : 437 / السطر 9، کفایة الاُصول: 164، درر الفوائد، المحقّق الحائری : 351، وقایة الأذهان: 368، حقائق الاُصول 1 : 313 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 262، أجود التقریرات 1: 230 ـ 231، نهایة الدرایة 2 : 171، نهایة الأفکار 1 : 351 ـ 353 .
  • )) اُنظر مناهج الوصول 2 : 16 ـ 17 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 4 ـ 5 .
  • )) مناهج الوصول 1 : 411، تهذیب الاُصول 1 : 279 ـ 280 .
  • )) تقدم فی الصفحة 308 ـ 309 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 275 ـ 280 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 313 ـ 314 .
  • )) لم نعثر علی ما أفاده قدس سره فی ما بأیدینا من کتبه.
  • )) مناهج الوصول 2 : 18 .
  • )) الفقیه 1 : 76 / 332 و 334، وسائل الشیعة 2 : 116 ـ 117، کتاب الطهارة، أبواب آداب الحمّام، الباب 67.

انتهای پیام /*