أحدها : فی بیان متعلّق الواجب التخییریّ
عن العلاّمة الأراکیّ قدس سره: أنّ الواجب التخییریّ هو أن یتعلّق بکلّ واحد من الأطراف إرادة ناقصة، ولا توجب هذه الإرادات الناقصة سدّ جمیع أبواب العدم، بل تسدّ جمیع الأبواب إلاّ باب عدمه فی ظرف وجود الطرف الآخر.
وبعبارة اُخریٰ: هو من قبیل الواجبین أو الواجبات التعلیقیّة، فیجب هذا حین ترک الآخر، وبالعکس، انتهیٰ مرامه.
وقد فرغنا نحن بحمد الله عن بطلان هذا المسلک فی المتزاحمین، ویلزم علیه تعدّد العقاب أیضاً.
وما ذکرناه هناک: هو أنّ حین الترک لا یعقل أن یکون مطلقاً، وإذا کان موقّتاً فبمضیّ وقت طرف یمضی وقت الطرف الآخر أیضاً، کما هو الواضح الظاهر. هذا مع لزوم کون الجمع بین الأطراف، مضرّاً بالوجوب.
وعن آخر: أنّ کلّ واحد من الطرفین أوالأطراف، واجب مشروط بعدم الآخر.
وأنت خبیر بما فیه من تعدّد العقاب أوّلاً، ولا یمکن دفعه کما توهّم. مع أنّ عدم الآخر لا یمکن أن یلاحظ مطلقاً، وإلاّ لا یحصل شرط وجوب الآخر، وإذا لوحظ الآخر فی زمان خاصّ، فبمضیّه یمضی ظرف الزمان للطرف الآخر، فتدبّر جیّداً تعرف حقیقة المطلب.
[[page 26]]هذا مع أنّ الإشکال الأخیر یتوجّه إلیه أیضاً؛ ضرورة أنّ قضیّة الاشتراط عدم اتصاف کلّ طرف بالوجوب عند الجمع بینها.
وعن ثالث: أنّ کلّ طرف واجب تعییناً، إلاّ أنّه یسقط بالإتیان بأحد الأطراف؛ لانتفاء موضوعه. وهذا نظیر الواجب التعیینیّ علی الولیّ، فإنّ ذلک یسقط بالتبرّع، وهکذا فی مثل الدین وأمثاله.
وفیه: لزوم تعدّد العقاب عند الترک، وهو غیر مرضیّ فی الواجبات التخییریّة عند کافّة ذوی العقول. وهذا أقلّ محذوراً من سائر المقالات المشار إلیها.
وتوهّم: أنّه إذا کان هکذا، فلابدّ من أن تتعلّق الإرادة بواحد من الأطراف، فی غیر محلّه؛ لأنّ المدّعیٰ توهّم امتناع التخییریّ، فإذا کان کذلک فعلی المولیٰ أن یرید الأطراف تعییناً حتّیٰ یصل إلیٰ مرامه، وبکلمة «أو» أفاد سقوط موضوع التکلیف بإتیان الطرف الآخر. وبهذا یمکن دفع شبهة تعدّد العقاب أیضاً، فتأمّل.
وعن رابع: أنّ فی التخییریّ واجباً تعینیّاً معلوماً عندالله ، وهو مجهول لنا، وفی تجهیل ذلک علینا مصلحة مخفیّة عنّا، وهو من قبیل إمضاء الأمارات المؤدّیة إلیٰ خلاف مصالح المولی؛ لمصالح اُخر أعلیٰ. فما توهّم من الإشکالات علیٰ هذا المسلک، غفلة وذهول عن هذه الدقیقة.
وأنت قد أحطت خبراً: بأنّه لا داعی إلیٰ اختیار هذه المسالک أو ما سبق فی
[[page 27]]أصل البحث؛ إلاّ لزوم الامتناع العقلیّ علی القول بالواجب التخییریّ الذی هو ظاهر دلیله، وحیث قد تبیّن إمکانه، أو لم یتمّ دلیل علیٰ امتناعه، فیتّبع ذلک الظاهر، وتسقط هذه المسالک مع ما فیها من المفاسد.
[[page 28]]