المقصد الثالث فی النواهی

الجهة الأولیٰ : بیان الحکم التکلیفی للمتوسّط

کد : 162831 | تاریخ : 22/09/1385

الجهة الأولیٰ : بیان الحکم التکلیفی للمتوسّط

‏ ‏

‏أمّا الجهة الاُولیٰ فلا کلام هنا فی ناحیة الوجوب؛ وإمکان کون عنوان «ردّ‏‎ ‎‏الغصب» واجباً شرعاً نفسیّاً أو غیریّاً إلاّ علی القول بامتناع الوجوب الغیریّ؛ علی‏‎ ‎‏الوجه المحرّر فی محلّه‏‎[1]‎‏، وأمّا هنا فلایختص بوجه.‏

‏وأمّا ما عن مثل الشیخ الأنصاریّ، علیٰ ما نسب إلیه فی تقریرات جدّی‏‎ ‎‏العلاّمة وتبعهما العلاّمة النائینیّ ‏‏رحمه الله‏‏: «من أنّ الخروج واجب شرعاً»‏‎[2]‎‏ فهو‏‎ ‎‏بلاوجه؛ لقصور الأدلّة الشرعیّة عن إثبات وجوب هذا العنوان.‏


‎[[page 257]]‎ومن هنا یظهر:‏ أنّ الأقوال الآتیة إذا کانت ترجع إلیٰ إنکار الوجوب علی‏‎ ‎‏الإطلاق، أو إثبات وجوب بعض العناوین المشار إلیها، فهی أیضاً غیر ما مرّ‏‎ ‎‏ومخدوشة.‏

‏وإنّما الکلام فی ناحیة الحرمة؛ وأنّه هل یمکن الالتزام بحرمة التصرّف‏‎ ‎‏الخروجیّ، وحرمة أکل المیتة؛ إذا کان یضطرّ إلیه ولو کان بسوء الاختیار، أم لا؟‏

‏والذی هو أساس الشبهة: أنّ التحریم یتوقّف علی القدرة علی الامتثال، وإذا‏‎ ‎‏کانت هی منتفیة ولو بالاختیار فلایعقل التحریم والزجر، کما فی ناحیة الأمر‏‎ ‎‏والبعث، فإذا کان مضطرّاً عقلاً إلی الخروج، فکیف یعقل الزجر عن التصرّف‏‎ ‎‏الخروجیّ؛ والمنع عن التصرّف، مع أنّ الفراغ والتخلیة بین المغصوب ومالکه،‏‎ ‎‏بالخروج والتصرّف؟! فلایتمکّن المولی الملتفت إلیٰ هذه النکتة من ترشیح الإرادة‏‎ ‎‏الجدّیة الزاجرة المتوجّهة إلی العبد المبتلیٰ بذلک ولو کان بسوء الاختیار، کما هو‏‎ ‎‏مفروض الکلام، ومحلّ النزاع بین الأعلام.‏

وبالجملة:‏ قد اختلفوا فی هذه الناحیة اختلافاً شدیداً یبلغ أقوالهم إلی‏‎ ‎‏الخمسة، أو الستّة؛ فمن قائل یدّعی الحرمة والوجوب‏‎[3]‎‏.‏

‏ومن قائل یدّعی الحرمة دون الوجوب‏‎[4]‎‏.‏

‏ومن ثالث یعکس الأمر‏‎[5]‎‏.‏

‏ومن رابع یختار عدم الوجوب والحرمة.‏

‏ومن خامس ینکر الوجوب والحرمة، ویقول بصحّة العقوبة‏‎[6]‎‏.‏


‎[[page 258]]‎‏ومن سادس یفصّل بین ما إذا کان قصده حال الخروج إفراغ مال الغیر وردّه‏‎ ‎‏فیکون حسناً، ولایستحقّ العقوبة، وما إذا لم یکن قصده ذلک‏‎[7]‎‏.‏

‏وإلیٰ کلّ واحد ذهب عین من أعیان الطائفة ‏‏رحمهم الله‏‏.‏

‏والذی هو الحقّ إمکان الالتزام بالحرمة والوجوب؛ حسب القواعد الأوّلیة،‏‎ ‎‏والأدلّة الواقعیّة الأوّلیة، وإمکان رفع الحرمة؛ حسب الأدلّة الواقعیّة الثانویّة، فیبقی‏‎ ‎‏الوجوب علیٰ عنوانه ثابتاً، دون الحرمة، وسیظهر بتفصیل إن شاء الله تعالیٰ.‏

‏هذا من غیر فرق بین کون الدخول والابتلاء بالمحرّم بسوء الاختیار، أم کان‏‎ ‎‏لا بسوء الاختیار.‏

‏ضرورة أنّه إذا لم یکن بسوء الاختیار، لایخرج عن موضوع الأدلّة حسب‏‎ ‎‏الواقع؛ فإنّها تمنع عن التصرّف فی مال الغیر؛ عالماً کان أو جاهلاً، وتوجب ردّ مال‏‎ ‎‏الغیر؛ عالماً کان أو غافلاً،فلو ابتلی بأکل المیتة، أو بالخروج من الأرض المغصوبة‏‎ ‎‏لا بسوء الاختیار.‏

‏فأدلّة حرمة أکل المیتة ـ حسب إطلاقها الأوّلی ـ تمنعه عنه، وهکذا أدلّة‏‎ ‎‏حرمة التصرّف فی مال الغیر، وأدلّة وجوب حفظ النفس وردّ مال الغیر تبعثه إلیهما؛‏‎ ‎‏لاشتراک الکلّ فی الأحکام الإلهیّة القانونیّة الکلّیة.‏

‏نعم، إذا لم یکن بسوء الاختیار، وکان هناک إیجاب شرعیّ لارتکاب مایؤدّی‏‎ ‎‏إلیه، فهو کلام آخر مرّ فی بحوث مقدّمة الواجب‏‎[8]‎‏ وفی مسألة الضدّ‏‎[9]‎‏، ویصیر‏‎ ‎‏داخلاً فی بحث التزاحم حسب التحقیق الذی عرفت منّا فی محلّه‏‎[10]‎‏.‏


‎[[page 259]]‎‏وقد أطال الأصحاب بعضهم فی المقام بذکر صور المسألة وبعض فروعها؛‏‎ ‎‏ممّا لا دخل له فی جوهر البحث وأساس الإشکال والشبهة، فلاتغفل، ولاتغترّ.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 260]]‎

  • )) تقدّم فی الجزء الثالث: 275 ـ 277.
  • )) مطارح الأنظار: 153 / السطر 21 و37، و154 / السطر1، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 447، أجود التقریرات 1: 374.
  • )) قوانین الاُصول 1: 153 / السطر 21 ـ 22.
  • )) مناهج الوصول 2: 143.
  • )) مطارح الأنظار: 153 / السطر 33 ـ 34.
  • )) کفایة الاُصول : 204.
  • )) الذریعة إلی اُصول الشریعة 1 : 178.
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث: 257 ـ 261.
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث: 358 ومابعدها.
  • )) نفس المصدر.

انتهای پیام /*