المقصد الثانی فی الأوامر

الأمر الثانی : خلوّ الکلام عن الجهة المقتضیة للتکرار

الفصل الرابع فیما یمکن تعلّقه بهیئة الأمر أو بمادّة صیغ الأوامر وفیه مقامات :

کد : 163005 | تاریخ : 04/10/1385

الأمر الثانی : فی خلوّ الکلام عن الجهة المقتضیة للتکرار

‏ ‏

‏إذا کان الکلام خالیاً من تلک الجهة، کما إذا ورد «أکرم زیداً» إن کان، وهذا‏‎ ‎‏فی الشریعة قلیل الوقوع؛ لأنّ الأحکام المتعارفة فی الشریعة کلّها بین مالها‏‎ ‎‏الأسباب المذکورة فی نفس القانون، وبین کونها موقّتات یتکرّر أوقاتها فی الیوم‏‎ ‎‏واللیلة، أو فی الأسبوع، أو فی الشهر، أو فی السنة.‏

‏وهذا أیضاً من الشواهد علی أنّ النظر الأصلیّ فی بحث المرّة والتکرار کان‏‎ ‎‏إلی الذی ذکرناه، فاغتنم جدّاً.‏

‏ولو فرضنا وقوعه، کما فی الأمر بالوفاء بالنذر المطلق، فهل یجب التکرار، أو‏‎ ‎‏یجب الاستدامة، أم یجوز الاقتصار علی المرّة؟ مثلاً إذا نذر أن یصلّی، فهل علیه‏‎ ‎‏إدامة الصلاة، أو تکرارها، أو یکفی صلاة واحدة؟‏

‏وهذا نزاع ساقط جدّاً؛ لعدم إمکان التزام أحد بتکرار الصلاة، لعدم الوجه له‏
‎[[page 202]]‎‏عقلاً وعرفاً، ولا یتصوّر الإدامة؛ لأنّها مشروعة علی الوجه الذی لایمکن فرض‏‎ ‎‏إدامتها. بخلاف ما إذا نذر مثلاً إکرام زید، فإنّ مصداق الإکرام لاانتهاء له، ولم یعتبر‏‎ ‎‏فیه الحدّ فی الشریعة، فإنّه یمکن إدامته، وعند ذلک فیمکن توهّم وجوب الإدامة؛‏‎ ‎‏لعدم سقوط الأمر إلاّ إذا رفع الید عن الإکرام عقلاً، فإذا کان الأمر کذلک، فیمکن‏‎ ‎‏توهّم وجوب الإدامة عرفاً؛ لأنّ مقتضی الحدوث والبقاء واحد، کما لایخفیٰ.‏

‏ولکنّه مع ذلک بحکم العقلاء، یجوز الاکتفاء بعد رفع الید عنه، ولایجب‏‎ ‎‏الاستمرار قطعاً، لا لاقتضاء الهیئة أو المادّة ذلک، بل لفهم العقلاء، بل وحکم العقل‏‎ ‎‏بالسقوط بعد صدق الطبیعة علی المأتیّ به عرفاً.‏

‏ثمّ إنّه قد یتوهّم دلالة الهیئة علی المرّة‏‎[1]‎‏، کما عرفت سابقاً، ومضیٰ‏‎ ‎‏فساده‏‎[2]‎‏. وتوهّم اقتضاء مقدّمات الحکمة ذلک‏‎[3]‎‏، مدفوع بما مر أیضاً؛ لأنّ المرّة من‏‎ ‎‏الخصوصیّات الزائدة علی أصل الطبیعة.‏

ودعویٰ :‏ أنّ الإطلاق بالمعنی المذکور فی البحث السابق‏‎[4]‎‏، یقتضی ذلک؛‏‎ ‎‏لاحتیاج التکرار إلی القرینة الوجودیّة مسموعة، إلاّ أنّ ذلک ممّا لا حاجة إلیه بعد‏‎ ‎‏اقتضاء الإطلاق الأحوالیّ أیضاً ذلک، فتدبّر.‏

‏ثمّ إنّ قضیّة الاُصول العملیّة فی هذه المسألة هی البراءة، لأنّ مرجع الشکّ ـ‏‎ ‎‏بعد فرض تحقّق المصداق للمأمور به والطبیعة بأوّل فرد، أو بقطع الإدامة ـ إلی أنّ‏‎ ‎‏الوجود الملحوظ هو الساری، وأنّ الواجب بنحو العموم الاستغراقیّ، أم لا، فلا‏
‎[[page 203]]‎‏معنیٰ لاستصحاب الوجوب المعلوم؛ لانتفائه بأوّل مصداق، ولا یحتمل بقاؤه‏‎ ‎‏الشخصیّ.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 204]]‎

  • )) تقدّم فی الصفحة 199 ـ 200 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 155 ـ 157 .
  • )) نهایة الدرایة 1: 355، بدائع الأفکار (تقریرات المحقّق العراقی) الآملی 1: 255.
  • )) تقدّم فی الصفحة 110 .

انتهای پیام /*