المقصد الرابع فی المفاهیـم

التنبیه الثالث : فی المراد من العلّة المنحصرة

کد : 163082 | تاریخ : 10/12/1385

التنبیه الثالث : فی المراد من العلّة المنحصرة

‏ ‏

‏لیس المراد من «العلّیة المنحصرة» الانحصار الحقیقیّ حتّیٰ یقال: بامتناع‏‎ ‎‏تقیید المفهوم أو المنطوق، بل المراد من «الانحصار» هو الانحصار الأعمّ منه ومن‏‎ ‎‏الإضافیّ، فإذا ورد ابتداءً «إن جاءک زید وضیفک فأکرمه» فمفهومه نفی الوجوب‏‎ ‎‏عند انتفاء کلیهما، وحصر العلّیة فیهما بإثبات أنّ کلّ واحد علّة تامّة، ولا علّیة لشیء‏‎ ‎‏آخر وراءهما، أو إرجاعهما إلی واحد؛ بتوهّم امتناع تعدّدها مع وحدته.‏

‏وبناءً علیٰ هذا، إن کان المفهوم مستفاداً من الدلالة الوضعیّة المدّعاة لأداة‏‎ ‎‏الشرط أو للهیئة، یلزم المجازیّة إذا ورد التقیید علی المفهوم؛ للزوم استعمالها فی‏‎ ‎‏غیر ما وضعت له.‏

‏وإن کان مستفاداً من الإطلاق کما عرفت‏‎[1]‎‏، فلاتلزم المجازیّة، ویکون القید‏‎ ‎
‎[[page 51]]‎‏موجباً لخروج العلّیة المنحصرة من الحقیقیّة إلی الإضافیّة.‏

‏ومثل ذلک ما إذا تعدّد الجزاء واتحد الشرط، کقوله تعالیٰ: ‏‏«‏وَإذَا حُیِّیتُمْ‎ ‎بِتَحِیَّةٍ ...‏»‏‎[2]‎‏، فإنّه لایستکشف منه أنّ حدیث العلّیة المنحصرة باطل، بل یتبیّن منه‏‎ ‎‏أنّ الانحصار إضافیّ، فاغتنم.‏

‏وإنّما الکلام هنا فی أمر آخر: وهو أنّ التقیید الوارد علیٰ خلاف إطلاق‏‎ ‎‏المفهوم، یوجب تقیید المفهوم حقیقة وأوّلاً وبالذات، أم یرجع إلیٰ تقیید المنطوق،‏‎ ‎‏وتصیر النتیجة تضییق المفهوم.‏

مثلاً :‏ لو ورد «أنّ الماء إذا بلغ قدر کرّ فهو معتصم» وورد بعد السؤال عن‏‎ ‎‏الماء الجاری قوله: «هو معتصم» فإنّ قضیّة المفهوم أنّ کلّ ماء لایبلغ کرّاً لیس‏‎ ‎‏بمعتصم، وهذا قابل للتقیید بإخراج الماء الجاری عن مصبّ إطلاقه.‏

‏کما یمکن دعویٰ: أنّ ذلک یرجع إلیٰ تقیید المنطوق؛ بإخراجه عن الحصر‏‎ ‎‏الظاهر فی الحقیقیّ إلی الإضافیّ، فیکون مفاد القضیّة هکذا «إذا کان الماء کرّاً أو‏‎ ‎‏جاریاً فهو معتصم».‏

‏والذی هو الأظهر فی محیط العرف؛ تقیید المفهوم بعد الاعتراف به، وأمّا فی‏‎ ‎‏محیط الصناعة فیتعیّن تقیید المنطوق؛ لأنّه مصبّ الإطلاق المنتهی إلی المفهوم،‏‎ ‎‏فیکون المفهوم فی جمیع الفروض مصوناً من التقیید، ویعدّ تابعاً فی السعة والضیق‏‎ ‎‏للمنطوق، فلاحظ فإنّه ینفعک بالنسبة إلی البحث الآتی إن شاء الله تعالیٰ‏‎[3]‎‎ ‎‏وتأمّل جدّاً.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 52]]‎

  • ))تقدّم فی الصفحة 35 ـ 36 .
  • ))النساء (4) : 86 .
  • ))یأتی فی الصفحة 56 ـ 57 .

انتهای پیام /*