الأمر الثامن : فی مقتضی الاُصول العملیّة فی المقام
مقتضی الاُصول العملیّة فی المسألة الاُصولیّة، وفی مسألة الشکّ فی تأثیر السبب الثانی، أو الشکّ فی تأثیرهما مستقلاًّ عند تقارنهما، عدم التأثیر.
وهذا هو مقتضی استصحاب العدم المحمولیّ؛ ضرورة عدم حالة سابقة للعدم النعتیّ، مثلاً إذا نام بعدما بال، وشکّ فی تأثیر النوم، فلایستصحب عدم تأثیر النوم؛ لما أنّه یحتمل أن یوجد مؤثّراً.
نعم، لنا استصحاب عدم تأثیر النوم بعدم جعل الشرع مؤثّریته؛ بناءً علیٰ إمکان جعل السببیّة والتأثیر فی الاعتبار والشرعیّات؛ أی لم یکن النوم المتأخّر عن البول فی الأزل مؤثّراً.
وأمّا بناءً علیٰ کون التأثیر من تبعات الماهیّات ولایکون قابلاً للجعل عند حدوث الشرع، فلایجری هذا العدم المحمولیّ أیضاً.
وأمّا إجراء الأصل بجعل عنوان «السبب» مجراه، ونفی السببیّة عن المتأخّر، فهو غیر نافع؛ لما لا أثر شرعاً لعنوان «السبب» بل الأثر الشرعیّ ثابت للسبب بالحمل الشائع، وهو النوم والبول وأمثالهما.
ومن هنا یظهر حال الأصل فی صورة تقارن السببین، کما لایخفیٰ. هذا کلّه فی مسألة التداخل فی الأسباب.
وأمّا فی المسبّبات بعد الإقرار بعدم التداخل، فیرجع الشکّ إلی الشکّ فی السقوط، فیکون المرجع قاعدة الاشتغال. هذا حال المسألة الاُصولیّة.
وأمّا حال المسألة الفقهیّة، فإن جری الأصل فی المسألة الاُصولیّة فهو، وإلاّ فتصل النوبة إلی البراءة عن التکلیف الزائد فی صورتی التقارن وعدمه، کما هو الواضح.
[[page 84]]