المقصد الرابع فی المفاهیـم

الجهة الاُولی : فی الأسباب

کد : 163103 | تاریخ : 19/11/1385

الجهة الاُولی : فی الأسباب

‏ ‏

‏لو تعدّد الشرط واتحد الجزاء حقیقة وثبوتاً، وکانت وحدته مفروغاً منها،‏‎ ‎‏فهل یمکن الالتزام باقتضاء کلّ واحد من الشرطین أثراً مخصوصاً به وسبباً خاصّاً،‏
‎[[page 85]]‎‏أم لا ؟ وهذا هو الجهة الاُولیٰ.‏

‏والذی هو التحقیق فی هذه المسألة: أنّ تعدّد الأمر تأسیساً مع وحدة الآمر‏‎ ‎‏والمأمور غیر ممکن؛ لأنّ تشخّص الأمر التأسیسیّ والإرادة المظهرة بالمراد، ولو‏‎ ‎‏کان المراد واحداً فی الإرادتین فلابدّ وأن تکون الإرادة واحدة بالسنخ وإن کانت‏‎ ‎‏متعدّدة بالشخص، وإذا کانت هی واحدة فالحکم واحد، ولکنّ الثانی یکون تأکیداً.‏

إن قلت :‏ الإرادة فی جمیع أنحاء الأحکام واحدة بالسنخ، مع تعدّد الحکم‏‎ ‎‏تأسیساً.‏

قلت :‏ نعم، إلاّ أنّ المراد من الوحدة السنخیّة هو أنّ الإرادة فیما نحن فیه مع‏‎ ‎‏وحدة المراد ـ وهو التوضّؤ وصلاة الآیة ـ تنشأ من منشأ واحد، ومیزان تعدّد الحکم‏‎ ‎‏تعدّد مناشئه؛ لاختلاف الحکم باختلاف تلک المناشئ الراجعة إلی المصالح‏‎ ‎‏والمفاسد، ولاشبهة فی أنّ التوضّؤ بطبیعته الوحدانیّة، لیس إلاّ ذا مصلحة موجبة‏‎ ‎‏للأمر به، ولا معنیٰ للأمرین التأسیسیّین فی هذه الصورة.‏

إن قلت :‏ لیس معنی للإرادة التأکیدیّة وللبعث التأکیدیّ، بل الأمر الثانی‏‎ ‎‏ـ کالأمر الأوّل ـ تأسیسیّ، إلاّ أنّ بعد ملاحظة وحدة المتعلّق یحکم بأنّ الوجوب‏‎ ‎‏متأکّد، والثانی مثلاً مؤکّد للأوّل من غیر أن یکون الثانی منشأ بعنوان التأکید‏‎[1]‎‏.‏

قلت :‏ الأمر کذلک، ولکن المقصود من «التأسیس» هو کون الثانی مستتبعاً‏‎ ‎‏للعقاب الخاصّ، وللثواب والإطاعة المخصوصة، مع أنّ الأمر لیس کذلک،‏‎ ‎‏فالمقصود من نفی التأسیس هو نفی ذلک بنفی آثاره الخاصّة، وعندئذٍ یرجع السبب‏‎ ‎‏الثانی إلیٰ سقوطه عن السببیّة؛ سواء کان تعدد السبب نوعیّاً، أو کان تعدّد السبب‏‎ ‎‏شخصیّاً.‏


‎[[page 86]]‎‏وقد مضیٰ تفصیل هذه المسألة فی بحوث اقتضاء الأمر للتکرار وعدمه‏‎[2]‎‏،‏‎ ‎‏وبعضِ المناسبات الاُخر‏‎[3]‎‏، ولعلّه من المسائل الواضحة بالتأمّل وإن خفی علیٰ‏‎ ‎‏بعض أهله، کما تریٰ.‏

إن قلت :‏ مع وحدة الآمر وغفلته، یمکن الالتزام بتعدّد الأمر التأسیسیّ فی‏‎ ‎‏مفروض الکلام.‏

قلت :‏ نعم، إلاّ أنّه مضافاً إلی امتناع الغفلة فی الشرع الإسلامیّ، لایخرج‏‎ ‎‏بذلک الأمر الثانی عن التأکیدیّ إلی التأسیسیّ؛ لما لایترتّب علیه آثاره من تعدّد‏‎ ‎‏العقاب والثواب بعصیانهما. والقول بالاشتداد فیهما مجرّد تخیّل؛ لأنّه لابدّ من إثبات‏‎ ‎‏التعدّد حتّیٰ یشتدّ، ولا شبهة عقلاً ولا فی نظر العقلاء بأنّ الثانی لایستعقبه شیء من‏‎ ‎‏آثار الأمر التأسیسیّ.‏

‏نعم، إذا أمر الوالد بشیء، والاُمّ بذلک الشیء یتعدّد الأمر التأسیسیّ بالضرورة،‏‎ ‎‏کما یتعدّد بتعدّد المکلّف والمأمور.‏

وتوهّم :‏ أنّ وحدة الطبیعة تستلزم وحدة المصلحة الباعثة للأمر، فی غیر‏‎ ‎‏محلّه؛ لأنّ أغراض الآمرین ربّما تکون مختلفة حسب أوامرهم، کما لایخفیٰ. مع أنّ‏‎ ‎‏تعدّد العقاب تابع لتعدّد الأمر التأسیسیّ، وهو مع وحدة الآمر والمأمور والمأمور به‏‎ ‎‏غیر ممکن، فتأمّل جدّاً.‏

وربّما یقال :‏ إنّ من الممکن کون الطبیعة مهملة، وعندئذٍ مع وحدتها یمکن‏‎ ‎‏تعلّق الأمرین التأسیسیّـین بهما‏‎[4]‎‏.‏


‎[[page 87]]‎وغیر خفیّ :‏ أنّ الإهمال الثبوتیّ غیر معقول، فیکون خارجاً عن محطّ الکلام؛‏‎ ‎‏للزوم تعدّد السبب، والإهمال الإثباتیّ ممکن، ویکون حینئذٍ أیضاً خروجاً عن‏‎ ‎‏البحث؛ لما عرفت: من أنّ الفرض ثبوت الإطلاق.‏

ومن هنا یظهر :‏ أنّ ما نسب إلی الشیخ الأعظم ‏‏قدس سره‏‏ فی «تقریرات» جدّی‏‎ ‎‏العلاّمة ‏‏رحمه الله‏‏: «من أنّ المراد من المسبّب هو التوضّؤ»‏‎[5]‎‏ فی غیر محلّه إذا کان مورد‏‎ ‎‏کلامه هذه المسألة؛ لما لایعقل مع وحدة الوجوب البحثُ عن تداخل الأسباب‏‎ ‎‏وعدمه، فیعلم منه أنّ المقصود هو التوضّؤ، ویکون هو المسبّب الواحد ثبوتاً.‏

‏نعم، فی المسألة الآتیة یجوز أن یجعل کلّ من الوجوب والطبیعة مراداً من‏‎ ‎‏«المسبّب» من غیر الحاجة إلی التأویل، ومن غیر کونه اضطراباً فی کلامه ‏‏رحمه الله‏‏ کما‏‎ ‎‏فی تقریرات سیّدنا الاُستاذ البروجردیّ ‏‏رحمه الله‏‎[6]‎‏ فراجع. وکان ینبغی أن نبحث عن‏‎ ‎‏ذلک فی الاُمور السابقة کما لایخفیٰ، والأمر سهل.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 88]]‎

  • ))مناهج الوصول 2 : 205 ـ 206 .
  • ))تقدّم فی الجزء الثانی 211 ـ 214 .
  • ))تقدّم فی الجزء الثانی : 136 ـ 137 و الجزء الثالث : 12 ـ 15 .
  • ))نهایة الأفکار 2 : 486 .
  • ))مطارح الأنظار : 175 / السطر 23 ـ 24 و180 / السطر 1 ـ 20 .
  • ))نهایة الاُصول : 307 .

انتهای پیام /*