المقصد الرابع فی المفاهیـم

الجهة الثانیة : فی حکم التعدّد الشخصی للشرط

کد : 163112 | تاریخ : 10/11/1385

الجهة الثانیة : فی حکم التعدّد الشخصی للشرط

‏ ‏

‏إذا تعدّد الشرط شخصاً، فهل هنا تتداخل الأسباب، أم لا؟ قولان:‏

‏فعن المشهور کما عرفت عدم التداخل‏‎[1]‎‏، وعن الحلّی ‏‏رحمه الله‏‏ التداخل هنا‏‎[2]‎‎ ‎‏وإن قال بعدمه فیما سبق‏‎[3]‎‏.‏

وربّما یقال :‏ إنّ مقتضیٰ بعض کلمات الشیخ‏‎[4]‎‏ وما أفاده السیّد الاُستاذ‏‎ ‎‏البروجردیّ‏‎[5]‎‏؛ هو عدم التداخل هنا، والتداخل فیما سبق، عکس تفصیل الحلّی‏‎[6]‎‏،‏‎ ‎
‎[[page 109]]‎‏والأمر سهل.‏

‏والذی لابدّ من الإشارة إلیه هنا اُمور؛ حتّی_' یتّضح حقیقة الأمرفیهذه المرحلة:‏

أحدها :‏ أنّ فی هذه المرحلة لایتصوّر التقارن، فتکون الوجوه المستند إلیها‏‎ ‎‏فی البحث السابق ـ الراجعة إلی أنّ التصرّف فی إطلاق الشرط یکون من ناحیتین،‏‎ ‎‏بخلاف التصرّف فی إطلاق الجزاء ـ کلّها ساقطة، وهکذا کلّ وجه یرجع إلیٰ ذلک،‏‎ ‎‏کما لایخفیٰ.‏

ثانیها :‏ أنّ الشبهة التی أوردها السیّد الاُستاذ البروجردیّ ‏‏قدس سره‏‏ علی أساس‏‎ ‎‏المسألة من امتناع تقیید الجزاء‏‎[7]‎‏، تجری هنا، وما جعلناه مفرّاً منها وحلاًّ لها فی‏‎ ‎‏تلک المرحلة‏‎[8]‎‏ لایأتی فی هذه المرحلة؛ ضرورة أنّ تقیید الوضوء والغسل بعنوان‏‎ ‎‏الشرط ـ وهو الجنابة والبول والنوم وهکذا ـ کان ممکناً هناک، ولایمکن هنا، فلابدّ‏‎ ‎‏من التقیید بوجه آخر وهو المرّة الثانیة والتکرار وغیر ذلک، وسیأتی فی بحث‏‎ ‎‏تداخل المسبّبات إشکال هذا النحو من التقیید بما لا مزید علیه‏‎[9]‎‏.‏

‏ویمکن أن یقال : بأنّ مقتضیٰ ما استدلّ به لإثبات امتناع التقیید؛ هو أنّ کلّ‏‎ ‎‏واحد من الدلیلین لیس ناظراً إلی الآخر‏‎[10]‎‏، وهذا فیما نحن فیه غیر تام؛ لوحدة‏‎ ‎‏الدلیل کما لایخفیٰ.‏

ثالثها :‏ أنّ الشبهة التی أوضحها الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎[11]‎‏ علیٰ أساس‏‎ ‎‏البحث تأتی هنا، وما جعلناه جواباً وحلاًّ لها‏‎[12]‎‏ لایأتی هنا؛ لأنّ المفروض هنا تعدّد‏‎ ‎
‎[[page 110]]‎‏السبب من نوع واحد، فیکون المراد فی ناحیة السبب واحداً، والمجعول للسببیّة هو‏‎ ‎‏النوم، فلایلزم منه تعدّد الإرادة علی الوجه المحرّر فیما سبق.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: لو فرضنا تعدّد السبب، فلابدّ وأن یکون ذلک بلحاظ کثرة‏‎ ‎‏الوجود، فإذا کان مصداق النوم الموجود أوّل الزوال سبباً، فلابدّ من کون الملحوظ‏‎ ‎‏هی الطبیعة المتخصّصة بالوجود، لا نفسها، وحیث إنّ وجود المصداق الثانی غیر‏‎ ‎‏وجود المصداق الأوّل، فلایکون هناک جامع حتّیٰ یکون هو السبب بذاته، فإذا لم‏‎ ‎‏یکن جامع فلابدّ وأن تتعدّد إرادة الإیجاب فی ناحیة الجزاء، وهو یقتضی تعدّد‏‎ ‎‏المادّة فی تلک الناحیة حتّیٰ لایلزم محذور عقلیّ؛ وهو تعدّد الإرادة التأسیسیّة مع‏‎ ‎‏وحدة المتعلّق، کما مرّ مراراً بما لا مزید علیه‏‎[13]‎‏.‏

رابعها :‏ یمکن دعویٰ أنّ استفادة تعدّد السبب هنا مشکل؛ لأنّ الإطلاق‏‎ ‎‏لایفید إلاّ أنّ النوم مثلاً تمام العلّة، والإطلاق السریانیّ ممّا لا أساس له، ولأجل هذا‏‎ ‎‏یشکل تصویر تعدّد السبب هنا وفی المسألة السابقة علی الوجه المقصود فی المقام:‏‎ ‎‏وهو أنّ کلّ نوم یستتبع الوضوء، وکلّ بول کذلک.‏

‏ولأجل هذه الشبهة لابدّ من التوسّل إمّا بفهم العرف أنّ الأمر کذلک، کما فی‏‎ ‎‏قوله تعالیٰ مثلاً: ‏‏«‏أَحَلَّ الله ُ الْبَیْعَ‏»‏‎[14]‎‏ وأمثاله، أو بالبحث فرضاً؛ لإمکان أن یوجد‏‎ ‎‏فی الفقه أحیاناً قرینة لفظیّة فی الأدلّة الخاصّة علی السریان، کما إذا اُفید ذلک بلفظة‏‎ ‎‏«کلّما» و«مهما» وأمثالهما، وإلاّ فما هو القدر المتیقّن من تعدّد السبب ما إذا تخلّل‏‎ ‎‏الامتثال بین الأسباب، وأمّا إذا لم یتخلّل فلا دلیل علیٰ سببیّة کلّ فرد من النوم، أو‏‎ ‎‏علی سببیّة البول والنوم، فلاحظ واغتنم.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ لو فرغنا من المسألة الاُصولیّة یکون البحث لغواً؛ لما‏
‎[[page 111]]‎‏لایوجد فی الفقه مورد یحرز السببیّة المطلقة حسب الدلیل حتّیٰ یکون صغریٰ هذه‏‎ ‎‏المسألة إلاّ شاذّاً.‏

‏إذا حصَّلت هذه الاُمور، فمن ملاحظة بعض الوجوه السابقة ـ بضمیمة حکم‏‎ ‎‏العقلاء، مع قطع النظر عن القرائن الخاصّة ـ تکون أصالة عدم التداخل محکّمة.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ مفروغیّة المسألة حسب نظر العقلاء عندنا غیر‏‎ ‎‏واضحة، وإذا راجعنا الأمثلة الخاصّة فی محیطهم ـ مع قطع النظر عن الأمثلة‏‎ ‎‏الشرعیّة نجد کثیراً ما خلاف ذلک، فالحقّ أنّ تأسیس الأصل اللفظیّ والعقلائیّ فی‏‎ ‎‏هذه المسألة، فی غایة الإشکال؛ لاختلاف الأمثلة، ولاختلاف خصوصیّات‏‎ ‎‏الموضوعات والطبائع المأخوذة فی نفس القضایا.‏

‏وإلی هذا یرجع القول بالتداخل فی مسألة نواقض الوضوء، ومسوّغات‏‎ ‎‏التیمّم، وموجبات الغسل وأمثالها، ولا یظهر لی أنّ ذهاب الأصحاب ‏‏رحمهم الله‏‏ فی هذه‏‎ ‎‏المواقف إلی التداخل کان لأجل الإجماع أو القرائن الخاصّة، بل ربّما کان ذلک‏‎ ‎‏لشهادة نفس الموضوعات علیه، کما تشهد علیٰ عدم التداخل فی مواقف اُخر،‏‎ ‎‏ویشکل الأمر فی ثالث، والله ولیّ التوفیق.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 112]]‎

  • ))تقدّم فی الصفحة 82 .
  • ))السرائر 1 : 258 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 82 .
  • ))مطارح الأنظار : 180 / السطر  1 ـ 26 .
  • ))نهایة الاُصول : 308 ـ 309 .
  • ))نهایة الاُصول : 307 ، تعلیقة المقرّر .
  • ))نهایة الاُصول : 309 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 93 ـ 94 .
  • ))یأتی فی الصفحة 114 ـ 116 .
  • ))نهایة الاُصول : 309 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 105 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 106 ـ 107 .
  • ))تقدّم فی الجزء الثانی : 137 و 257 ـ 258 ، والجزء الثالث : 12 .
  • ))البقرة (2) : 275 .

انتهای پیام /*