المقصد الرابع فی المفاهیـم

الجهة الاُولیٰ : فی القضیة السالبة المشتمل جزاؤها علی ألفاظ العموم

کد : 163118 | تاریخ : 04/11/1385

الجهة الاُولیٰ : فی القضیة السالبة المشتمل جزاؤها علی ألفاظ العموم

‏ ‏

‏فی أنّ القضیّة الواردة إذا کانت سالبة، وکان الجزاء مشتملاً علیٰ ألفاظ‏‎ ‎‏العموم؛ بناءً علی القول بذلک، فهل یستفاد من تلک القضیّة العامّ المجموعیّ، أو‏‎ ‎‏الاستغراقیّ؟‏

مثلاً :‏ إذا ورد «إن جاءک زید لاتکرم کلّ عالم» فهل مفاده النهی عن إکرام‏‎ ‎‏مجموع العلماء، أم النهی عن إکرام کلّ واحد منهم؟ وجهان لایبعد الثانی.‏

وعلیٰ کلّ تقدیر :‏ فهل یکون مفهومه العامّ الاستغراقیّ، أو المجموعیّ؟ مثلاً‏‎ ‎‏إذا فرضنا أنّ مفاد قوله: «لاتکرم کلّ عالم» یکون العامّ المجموعیّ، فهل یمکن‏‎ ‎‏دعویٰ أنّ المفهوم هو العامّ الاستغراقیّ؛ ضرورة أنّ قوله فی المفهوم: «إن لم یجئک‏‎ ‎‏زید فأکرم کلّ عالم» ظاهر فی العموم المزبور بالضرورة؟‏

‏أم لایجوز ذلک؛ لأنّ المفهوم تابع المنطوق ، وتابع الدلیل القائم علیه،‏‎ ‎‏ولایجوز الأخذ بظهور القضیّة المفهومة من القضیّة الملفوظة؟ کما عرفت منّا فی‏‎ ‎‏المباحث السابقة عند البحث عن أنّ مفهوم قولک: «إن جاءک زید فأکرمه» هل هو‏‎ ‎‏حرمة الإکرام عند المجیء، أم نفی سنخ الحکم؟ وکان القول بالحرمة قویّاً؛ لأنّ‏‎ ‎‏الظاهر من المفهوم هو النهی، مع أنّه ظاهر لایجوز الأخذ به؛ لأنّه ظهور استکشافیّ‏
‎[[page 122]]‎‏من العلّیة الثابتة فی المنطوق للشرط بالنسبة إلی الجزاء‏‎[1]‎‏.‏

‏فالأمر هنا کذلک؛ فإنّ قضیّة مقدّمات الحکمة هو أنّ مجیء زید علّة مثلاً‏‎ ‎‏لتحریم إکرام کلّ عالم علیٰ سبیل العامّ المجموعیّ، والمفهوم عندئذٍ وإن کان ظاهراً‏‎ ‎‏فی العامّ الاستغراقیّ والاُصولیّ، ولکنّه غیر مأخوذ به بالضرورة، فکما أنّه فی جانب‏‎ ‎‏الهیئة لایکون مفادها إیجاب الإکرام، بل مفادها تابع لما ثبت فی المنطوق، کذلک‏‎ ‎‏مفاد المادّة.‏

‏فإذا قیل : «إن جاءک زید فلاتکرم کلّ عالم» وقلنا إنّه ظاهر فی العامّ‏‎ ‎‏المجموعیّ بحسب المنطوق، فمفهومه حسب ظاهر اللفظ «إن لم یجئک فأکرم کلّ‏‎ ‎‏عالم» وهو ظاهر بالضرورة فی وجوب إکرام کلّ واحد من العلماء علیٰ سبیل العامّ‏‎ ‎‏الاستغراقیّ، ولکن لاسبیل إلی التمسّک بهذا الظاهر المولود من القضیّة اللفظیّة،‏‎ ‎‏ولایکون مفاد هیئة «أکرم» إیجابیّاً، ولا مفاد «کلّ عالم» عموماً استغراقیّاً؛ للزوم‏‎ ‎‏خروج المفهوم عن تبعیّة المنطوق، ویکون حینئذٍ جملة مستقلّة فی الإفادة‏‎ ‎‏والاستفادة، وهو غیر صحیح.‏

‏فما هو المفهوم واقعاً للقضیّة المزبورة «إن لم یجئک فلا یحرم إکرام مجموع‏‎ ‎‏العلماء» وأمّا فی مقام الظاهر فالمفهوم خلافه؛ لأنّه یصیر هکذا «وإن لم یجئک زید‏‎ ‎‏فأکرم کلّ عالم» فافهم واغتنم، وکن علیٰ بصیرة.‏

ومن هنا یظهر :‏ أنّ ما اشتهر فی کلماتهم صدراً وذیلاً «من أنّ المفهوم‏‎ ‎‏والمنطوق متّفقان فی جمیع الموادّ، ومختلفان فی السلب والإیجاب»‏‎[2]‎‏ غیر تامّ، بل‏‎ ‎‏المفهوم تابع لدلیله وسببه، ولاینظر إلی الموادّ المأخوذة فی ظاهر القضیّة؛ للزوم‏
‎[[page 123]]‎‏الإغرار والجهالة.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 124]]‎

  • ))لاحظ ما تقدّم فی الصفحة 12 ـ 13 .
  • ))مطارح الأنظار : 173 / السطر 29، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2: 485 ـ 486، نهایة الأفکار 2 : 495 ـ 497 .

انتهای پیام /*