المقصد السادس فی المطلق والمقیّد

الجهة الاُولیٰ : فی بیان ما ینبغی أن یبحث عنه فی المقام

کد : 163253 | تاریخ : 20/06/1385

الجهة الاُولیٰ : فی بیان ما ینبغی أن یبحث عنه فی المقام

‏ ‏

‏قد تعارف بینهم تعریف المطلق والمقیّد أوّلاً، ثمّ توضیح النسبة بینهما‏‎ ‎‏وتقابلهما ثانیاً، ثمّ البحث عن أنّهما هل یکونان واقعیّین أم إضافیّین ثالثاً، ثمّ البحث‏‎ ‎‏عن أسماء الأجناس وأعلامها، وعن معنی النکرة، وعن المفرد المعرّف، وأمثال‏‎ ‎‏ذلک.‏

‏ثمّ بعد ذلک عن تقاسیم الماهیّة وأقسامها الثلاثة، وعمّا هو المقسم؛ وأنّه هل‏‎ ‎‏هو اللابشرط المقسمیّ، أو القسمیّ، أو المجرّد عنهما، وقد تعارف ذلک وبلغ غایته‏‎ ‎‏ونهایته، واختلفوا فی هذه المسائل کثیراً.‏

‏والذی ربّما یخطر بالبال أنّ هذه المباحث ممّا لا فائدة فیها، وتکون إلیٰ‏‎ ‎‏جنب المطلق والمقیّد کالحجر فی جنب الإنسان؛ وذلک لما لا ثمرة أوّلاً فی‏‎ ‎‏الاطلاع علیٰ مفهوم «المطلق والمقیّد» ولا فی معلومیّة تقابلهما، ولا غیر ذلک من‏‎ ‎‏البحوث الطویل ذیلها:‏

‏أمّا بالنسبة إلی البحوث الأوائل الثلاثة؛ فلعدم وقوعهما فی موضوع الأدلّة‏‎ ‎‏الشرعیّة حتّیٰ یترتّب علیٰ ذلک لزوم تعریفهما و... إلی آخره.‏


‎[[page 393]]‎‏وأمّا بالنسبة إلی البحوث الاُخر اللفظیّة واللغویّة والعقلیّة؛ فلأنّ صفة‏‎ ‎‏الإطلاق والتقیید، وبحثَ المطلق والمقیّد، من البحوث العقلیّة العقلائیّة، ومن‏‎ ‎‏الانتزاعیّات عن الأفعال الاختیاریّة، کما یأتی تفصیله عند ذکر مقدّمات الحکمة‏‎[1]‎‏؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّ الإطلاق ینتزع من جعل المقنّن شیئاً موضوعاً لحکمه، وبما أنّه فعله‏‎ ‎‏الاختیاریّ یکون هو موضوع حکمه، ولا شیء آخر دخیل فیه، وإلاّ فبما أنّه مختار‏‎ ‎‏ومرید وذو غرض، فعلیه جعل قید له من القیود الراجعة إلی التنویع، أو التصنیف، أو‏‎ ‎‏کان یرجع إلی التوصیف، کتقیید الأعلام الشخصیّة، فإنّ الکلّ مشترک فی الاندراج‏‎ ‎‏تحت التقیید.‏

وعلیٰ کلّ حال :‏ لیسا من أوصاف الألفاظ حتّیٰ یصحّ البحث اللّغویّ، ولا من‏‎ ‎‏الاعتبارات العقلیّة، کاللابشرطیّة، والبشرط لائیّة، حتّیٰ ینفع تلک المباحث العقلیّة،‏‎ ‎‏فعلیه یسقط جمیع ما صنعوه فی هذه المباحث، ویتبیّن أجنبیّتها عن بحوث المطلق‏‎ ‎‏والمقیّد، وأنّه لا ثمرة فی ذلک، وتبیّن أیضاً أنّ عدّ مباحث المطلق والمقیّد من‏‎ ‎‏مقاصد البحوث اللفظیّة، فی غیر مقامه؛ فإنّه أشبه بالبحوث العقلیّة.‏

أقول أوّلاً :‏ إنّ من ثمرات المباحث الاُصولیّة تقدیم العامّ علی المطلق عند‏‎ ‎‏المعارضة، وعلیٰ هذا لابدّ من تعریف المطلق حتّیٰ یعلم حقیقته.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال بعدم تقدیمه علیه، وهو القول الفصل والرأی الجزل، ولا‏‎ ‎‏ینافیه ذهاب جمع إلی التقدیم المذکور‏‎[2]‎‏، ویکفی ذلک ثمرة للبحث کما لایخفیٰ،‏‎ ‎‏فلاینبغی الخلط.‏

وثانیاً :‏ من ثمرات البحوث الاُصولیّة القاعدة المعروفة وهی «أنّ کلّما امتنع‏
‎[[page 394]]‎‏التقیید امتنع الإطلاق» وقد قرّرها جمع منهم مبنیّاً علیٰ أنّ تقابل الإطلاق والتقیید‏‎ ‎‏تقابل العدم والملکة‏‎[3]‎‏، فلابدّ من تشخیص التقابل بینهما حتّیٰ تترتّب علیه القاعدة‏‎ ‎‏المعروفة.‏

‏ومجرّد قولنا: بأنّ القاعدة المزبورة غیر تامّة، أو القول : بأنّ القاعدة تتمّ ولو‏‎ ‎‏کان بینهما تقابل آخر، کالتضادّ، والسلب والإیجاب، لایضرّ بإمکان ترتّب الثمرة‏‎ ‎‏عند جمع آخر، وهذا وأمثاله یکفی للخروج عن لغویّة البحث جدّاً.‏

وثالثاً :‏ لو کان الإطلاق والتقیید من المفاهیم الثابتة الواقعیّة ـ کمفهوم الاسم‏‎ ‎‏والفعل والحرف ـ لما کان تصویر الإطلاق لدلیل المقیّد ممکناً، فلابدّ من التنبیه علیٰ‏‎ ‎‏أنّهما من قبیل مفاهیم الفوقیّة والتحتیّة اللّذین یمکن اجتماعهما فی الواحد‏‎ ‎‏الشخصیّ باعتبارین.‏

ورابعاً :‏ قد نسب إلی المشهور إلیٰ عصر سلطان المحشّین ‏‏قدس سره‏‏ أنّ الإطلاق من‏‎ ‎‏أوصاف الألفاظ، وأنّ الدالّ علیه ـ کالدالّ علی العموم ـ یکون بالوضع‏‎[4]‎‏، وقد‏‎ ‎‏اختاروا لذلک أمثالاً کأسماء الأجناس وأعلامها، بل والنکرة فی بعض الصور‏‎ ‎‏وهکذا، فلابدّ من التعرّض لهذه المفاهیم حتّیٰ تتبیّن صحّة هذه المقالة وعدمها،‏‎ ‎‏ویتّضح أنّ الإطلاق واقعاً ممّا یدلّ علیه اللفظ بالوضع، أم لا کما علیه المشهور‏‎ ‎‏المتأخّرون ‏‏قدس سرهم‏‎[5]‎‏.‏

‏ثمّ إنّه لمّا کان الاطلاع علیٰ هذه المسألة بحدودها الوافیة، موقوفاً علیٰ فهم‏‎ ‎‏اعتبارات الماهیّة والعناوین العامّة الکلّیة، انجرّ البحث إلی الفحص عنها وعن‏
‎[[page 395]]‎‏أقسامها، وکان النظر فی ذلک إلیٰ بیان مایمکن أن یکون موضوعاً له بهذه الألفاظ.‏

إن قلت :‏ لنا أن نسأل عن ثمرة هذا الاختلاف المنسوب إلی المشهورین:‏‎ ‎‏القدماء، والجدد.‏

قلت :‏ سیمرّ علیک أنّ من ثمراته لزوم المجازیّة بعد التقیید‏‎[6]‎‏، وسقوط‏‎ ‎‏الحجّیة بعد المجازیّة. ولو أنکرنا لزوم المجازیّة مطلقاً، أو أثبتنا الحجّیة ولو لزمت‏‎ ‎‏المجازیّة، کما ذکرناه فی العامّ والخاصّ‏‎[7]‎‏، ولکنّه لایستلزم سقوط البحث؛ لإمکان‏‎ ‎‏ذهاب جمع من الاُصولیّین إلی الملازمة الاُولیٰ، أو کلتا الملازمتین کما لایخفیٰ.‏

‏هذا مع أنّ مقتضیٰ ما نسب إلی الثمرة الاُولیٰ هو أنّ الألفاظ موضوعة‏‎ ‎‏للمعانی المطلقة، فلانحتاج لإثبات الإطلاق إلیٰ مقدّمات الحکمة، فتأمّل.‏

‏فتحصّل حتّی الآن : أنّ عقد البحث لکلّ واحد من هذه البحوث المشار إلیها‏‎ ‎‏حقیق؛ لما یترتّب علیها من الفوائد والآثار.‏

وغیر خفیّ :‏ أنّ للتفصیل وجهاً وجیهاً؛ وهو أنّ ما کان من الألفاظ موضوعاً‏‎ ‎‏للمعانی الکلّیة، فهو مطلق لایحتاج إلیٰ مقدّمات الإطلاق مثلاً، وما کان منها‏‎ ‎‏موضوعاً للمعانی الجزئیّة ـ سواء کان الوضع فیها عامّا، أو خاصّاً کالمعانی الحرفیّة‏‎ ‎‏والأعلام الشخصیّة علی المشهور‏‎[8]‎‏ ـ فهی لیست مطلقة، ولا منع من الاحتیاج فی‏‎ ‎‏إثبات الإطلاق إلیٰ مقدّمات الحکمة؛ ضرورة أنّ الإطلاق والتقیید فی المعانی‏‎ ‎‏الکلّیة هو التوسّع والتضییق، وفی المعانی الجزئیّة هو اللاتوصیف والتوصیف.‏

‏ولست أقول باختلافهما مفهوماً حسب اختلاف موردهما، بل المقصود‏
‎[[page 396]]‎‏اختلاف آثارهما باختلاف المواضیع.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 397]]‎

  • ))یأتی فی الصفحة 423 وما بعدها .
  • ))فرائد الاُصول 2 : 792 ، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 729 ـ 731 ، منتهی الاُصول 2 : 566 و 568 .
  • ))فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 146 ، نهایة الاُصول : 371 ، منتهی الاُصول 1 : 137 ـ 138 .
  • ))شرح العضدی : 284 ، معالم الدین : 154 / السطر 3 ـ 4 .
  • ))مطارح الأنظار: 218 / السطر 17، کفایة الاُصول: 287، فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 2 : 566.
  • ))یأتی فی الصفحة 417 .
  • ))تقدّم فی الصفحة 215 وما بعدها .
  • ))معالم الاُصول: 128 / السطر 9 ـ 12، قوانین الاُصول 1 : 287 / السطر 5 ـ 9 و17 ـ 18، الفصول الغرویّة: 16 / السطر 2 ـ 12، مناهج الوصول 1 : 80 .

انتهای پیام /*