الأمر الأوّل : عدم استلزام التقیید للمجازیّة
إنّ المجازیّة کما لیست لازمة لمقالة المتأخّرین، لاتلزم علیٰ مقالة القدماء؛ ضرورة أنّهم إن أرادوا من «الإطلاق فی مرحلة الوضع» ما نلتزم به، کما أبدعناه وشرحناه، فالأمر واضح.
وإن أرادوا منه أنّ اللفظ موضوع لحالة السریان والشمول والشیوع، فهو أیضاً لایلازم المجازیّة؛ لأنّ المراد الاستعمالیّ غیر المراد الجدّی، کما تحرّر فی العمومات اللفظیّة.
نعم، یلزم المجازیّة لابمعنی استعمال اللفظ فی غیر ما وضع له، بل بمعنی استعمال اللفظ فی الموضوع له وعدم کونه مراداً جدّیاً ومقصوداً واقعیّاً، فما فی کلمات المتأخّرین من استلزام المجازیّة تارة، وعدم الاستلزام اُخریٰ، غیر واقع فی محلّه، أو محمول علیٰ ما فصّلناه.
نعم، عن العلاّمة النهاوندیّ إنکار المجازیّة ولو اُرید من المطلق المقیّد بخصوصیّته؛ توهّماً أنّ المطلق عین المقیّد.
ولایخفیٰ ما فیه من الخلط بین مقام الوضع والحمل فتدبّر. نعم یمکن تصویره علیٰ وجه یکون الموضوع له خاصّاً فی أسماء الأجناس.
إن قلت : لاتلزم المجازیّة فی تقیید الأعلام الشخصیّة والمعانی الحرفیّة؛ لأنّ
[[page 417]]الموضوع له فی ناحیة المطلق، لا إطلاق له علیٰ وجه یستلزم تقییده المجازیّة.
قلت : أمّا فی الأعلام الشخصیّة فلأحد دعویٰ؛ أنّ الموضوع له ذو حالة ساریة، ویکون لفظ «زید» موضوعاً لمعنیٰ أعمّ من طروّ العلم والجهل، فاستعمال لفظة «زید» فی الشخص العالم یلازم المجازیّة إذا کان المراد من الأعمّ هو اللابشرط القسمیّ.
وأمّا فی المعانی الحرفیّة، فبناءً علیٰ کون الموضوع له فیها العامّ فالأمر واضح، وعلیٰ أنّه الخاصّ فالتقیید خلاف الوضع، إلاّ أنّ معنیٰ ذلک هو أنّ الموضوع له فی مثل هیئة «افعل» هو الإطلاق، فاستعماله فی الواجب المشروط والمقیّد نوع من المجاز، فما قیل من خروج هذه الاُمور عن حریم البحث فی المقام، غیر تامّ.
وبعبارة اُخریٰ : من یدّعی فی المعانی الحرفیّة أنّ الموضوع له مطلق، والتقیید مجاز، لایرید من «الإطلاق» مصطلح باب المطلق والمقیّد، بل یرید مصطلح الأوامر والنواهی والمفاهیم کما مرّ، وعندئذٍ یکون التقیید والاستعمال فی الوجوب المشروط من المجاز عنده، فلیتدبّر جیّداً.
[[page 418]]