الصورة الاُولیٰ :
ما إذا ذکر السبب وکانا متخالفین، کقوله: «إذا کسفت الشمس فصلّ» ثمّ ورد «إذا خسف القمر صلّ رکعتین» أو نحو «إن ظاهرت أعتق الرقبة» و«إن أفطرت أعتق الرقبة المؤمنة» فالمعروف المفروغ عنه عندهم هنا عدم الحمل، حتّیٰ صرّح الوالد المحقّق ـ مدّظلّه بعدم الحمل نافیاً للشکّ فیه.
وعندی فیه إشکال : وهو أنّ تعدّد السبب إن اقتضیٰ تعدّد الأمر، واقتضیٰ
[[page 495]]تعدّد المسبّب والمأمور به؛ بأن یصیر المطلق والمقیّد متباینین، فلا کلام، إلاّ أنّه خروج عن المطلق والمقیّد.
وإن لم یقتضِ تعدّد الأمر قیداً فی السبب حتّیٰ یتباینا، فیلزم الإشکال السابق: وهو کون المطلق والمقیّد مورد الأمرین التأسیسیّـین، وهذا محال کما تحرّر فیما مضیٰ مراراً، فلابدّ من أحد الأمرین فی صورة اجتماع السببین: إمّا الأخذ بالمطلق، وحمل الأمر الثانی علی التأکید، أو الأخذ بالمقیّد، وحمل المطلق علیه. هذا بحسب الصناعة.
وأمّا بحسب النظر العرفیّ، فلایبعد دعویٰ خروج هذه الصورة عن باب المطلق والمقیّد؛ لأنّ العرف یحکم حینئذٍ بأنّ الواجب فی المطلق هو عتق الرقبة الاُخریٰ غیر ما کان واجباً بالسبب المتقدّم، علیٰ ما مرّ فی باب المفاهیم بتفصیل. فیکون مورد الأمر الأوّل غیر مورد الأمر الثانی.
وبعبارة اُخریٰ : الواجبات المشروطة بحسب اللبّ واجبات تعلیقیّة، کما تحرّر منّا فی محلّه، فیکون المجعول بحسب الثبوت هو عتق الرقبة المؤمنة عند الإفطار، والرقبة عند الظهار، وحیث لایمکن أن یکون المراد الجدّی کلاًّ من المطلق والمقیّد لما مرّ، فلابدّ من التصرّف، وأهون التصرّفات هو أنّ الواجب الثانی والمجعول المتأخّر، مقیّد لایورث التعدّد.
مثلاً : إذا قال عند الظهار: «یجب عتق الرقبة المؤمنة» ثمّ قال: «عند الإفطار یجب عتق الرقبة» فیقیّد الثانی بقید الاُخریٰ کما لایخفیٰ.
[[page 496]]ثمّ إنّ السببین تارة: یمکن تقارنهما وجوداً، کما فی المثال الثانی، واُخریٰ: لایمکن تقارنهما فی الوجود نحو المثال الأوّل، فإنّه ربّما یمکن دعویٰ حصول الفرق: بأن یکون فی الصورة الأولیٰ کلّ من المطلق والمقیّد مقتضیاً لما اقتضاه من الأثر، وفی الصورة الثانیة یکون الثانی بلا أثر، إلاّ أنّه مجرّد تخیّل، وإلاّ فمقتضیٰ ما عرفت عدم الفرق؛ فإنّه کما لایمکن کونهما معاً تأسیسیّـین، لایمکن علی التعاقب أیضاً.
ثمّ إنّ ما مرّ فی المقام الأوّل من اختلاف سبق المطلق علی المقیّد وبالعکس، واختلاف کیفیّة ورودهما، وغیر ذلک، کلّه یأتی فی هذه الصورة، ویظهر حکمه ممّا سبق.
[[page 497]]