بقی شیء : حول إثبات الاحتیاط بناءً علی الخطابات القانونیة
وهو أنّ مقتضی الخطابات القانونیّة، لیس إلاّ العلم الإجمالیّ بالتکلیف الفعلیّ ولو کان بعض الأطراف مورد العجز، أو خارجاً عن محلّ الابتلاء والقدرة العادیّة، وأمّا کفایة کونه منجّزاً فمحل المناقشة؛ ضرورة أنّ المیزان هو العلم الإجمالیّ باستحقاق العقوبة علیٰ کلّ تقدیر.
وما ذکره الأصحاب: من أنّ المدار علی العلم الإجمالیّ بالتکلیف الفعلیّ، محمول علی المسامحة والمتعارف؛ وأنّه یلازم نوعاً العلمَ الإجمالیّ بالاستحقاق؛
[[page 462]]لذهاب أکثرهم فی موارد الخروج وکلّهم فی موارد العجز إلی انتفاء التکلیف الفعلیّ، فلا علم بالاستحقاق.
وما أفاده ـ مدّظلّه : وهو العلم بالتکلیف الفعلیّ مع انتفاء العلم الإجمالیّ بالاستحقاق، خارج عن محطّ بحثهم، فلابدّ من التدبّر فیه، وقد مرّ شطر من الکلام حوله.
وغایة ما یمکن أن یقال لوجوب الاحتیاط: إنّ مع وجود التکلیف الفعلیّ لابدّ من تحصیل العذر العقلیّ، وهو فی طرف العجز ثابت، وأمّا فی طرف القدرة فغیر ثابت؛ لاحتمال أن لاتکون الجهالة المقرونة بالعلم المذکور عذراً؛ لأنّ ماهو العذر هی الجهالة المطلقة غیر المشوبة بالعلم بالتکلیف الإلزامیّ، ویکفی لوجوب الاحتیاط الشکّ فی العذریّة.
نعم، یمکن دعویٰ: أنّ حدیث الرفع ولو کان قانونیّاً وجاریاً فی الطرفین ویتعارض، أو غیر جارٍ فی أطراف العلم، إلاّ أنّه هنا جارٍ فی الطرف المقدور والمبتلیٰ به؛ لأنّ رفع الخارج والمعجوز عنه لیس فیه المنّة، والمدار فی المنّة هی المنّة الشخصیّة لا النوعیّة، فالبراءة العقلیّة ولو لم تکن جاریة إلاّ أنّ الشرعیّة جاریة، فافهم وتدبّر.
[[page 463]]