الصورة الاُولیٰ :
إذا شکّ فی التقدّم والتأخّر بالنسبة إلی العجز والخروج عن محلّ الابتلاء، وإلی العلم، بعد کونه فعلاً خارجاً عن محلّ الابتلاء، وإلاّ فربّما یؤثّر العلم فعلاً، فلا یخفیٰ، وتأمّل.
فقد ذهب العلاّمة الأراکیّ رحمه الله إلی الاحتیاط؛ نظراً إلیٰ رجوعه إلی الشکّ فی
[[page 466]]القدرة، وفیه یلزم الاحتیاط.
وفیه ما یأتی تفصیله فی بعض الصور الآتیة إن شاء الله تعالی الذی هو الوجه المشترک للبراءة أو الاحتیاط فی مجموع موارد الشکوک، وإنّما المقصود الإشارة إلیٰ ما یختصّ ببعض الصور.
فربّما یمکن دعوی البراءة فی هذه الصورة؛ من جهة أنّ تمامیّة تنجیز العلم مرهونة بمعارضة الاُصول، وحیث لا معنی للأصل بالنسبة إلیٰ ماهو الخارج والمعجوز علیه، کما فی الخطابات الأوّلیة والأحکام الواقعیّة، فیبقی الأصل فی الطرف المقدور عقلاً أو عادة بلا معارض.
ودعویٰ عدم جریان أدلّة الاُصول فی أطراف العلم الإجمالیّ ولو کان غیر منجّز؛ لانصرافها إلی المجهول المطلق، وأمّا المجهول المقرون بالعلم فلا، غیر مسموعة.
کما أنّ توهّم اختصاصها بما لایحتمل تنجّزه ثبوتاً، وحیث إنّ الطرف المقدور یحتمل تنجزه، فهو أیضاً خارج عنها، غیر تامّ، ولا یلتزم به الأصحاب، فلا تغفل، ولا تخلط.
ویمکن دعوی جریان استصحاب عدم وجوب الاحتیاط. وتوهّم أنّه یتوجّه إلیه: أنّه غیر جارٍ؛ لأنّ منشأه قصور المکلّف، کما فی کلام العلاّمة الأراکیّ رحمه الله غیر مسموعة؛ للزوم عدم جریان البراءة العقلیّة أیضاً فی الشبهات الموضوعیّة، لتمامیّة المقتضی من قبل الشرع انکشافاً وکشفاً، وإنّما القصور من ناحیة المکلّف،
[[page 467]]کما اختاره سیّدنا الاستاذ البروجردیّ، والعلاّمة الإیروانیّ رحمهماالله، وقد مرّ أنّه خلاف التحقیق.
نعم، جریان أمثال هذه الاستصحابات عندی ممنوع. مع أنّ العدم النعتیّ منه غیر مسبوق؛ لاحتمال وجوب الاجتناب من أوّل زمن کون الطرف مورد الابتلاء.
نعم، لو کان الطرف المبتلیٰ به أوّلاً مورد الشبهة البدویّة، ثمّ علمنا إجمالاً بالتقدّم والتأخّر المذکورین، فللعدم النعتیّ المزبور وجه، کما لا یخفیٰ.
وتوهّم: أنّ عدم وجوب الاحتیاط لیس موضوعاً ذا حکم، ولا حکماً، غیر تامّ، کتوهّم عدم جریان استصحاب عدم الوجوب والحرمة، کما فی کلام العلاّمة المذکور؛ ضرورة جریانه عندهم اتفاقاً. نعم هو غیر جارٍ ذاتاً عندنا؛ لما یأتی فی الاستصحاب إن شاء الله تعالیٰ.
هذا، وقد تحرّر عندنا: أنّ دلیل الاستصحاب، لایفید إلاّ التعبّد ببقاء الطریق المنجّز والمعذّر؛ من غیر النظر إلیٰ ذی الطریق فی محیط التعبّد، ولذلک یصحّ إجراء استصحاب عدم استحقاقه العقاب علیٰ شربه وأکله، فإنّه أیضاً أثر فی محیط الشرع، وتعذیر فی صورة التخلّف، ولا یعارض بمثله فی الطرف؛ لخروجه عن محلّ الابتلاء فرضاً، ولغویّةُ جریان الاُصول الظاهریّة کالخطابات الواقعیّة علیٰ حدّ سواء، فلا تغفل.
وأمّا استصحاب بقاء القدرة العقلیّة أو العادیّة إلیٰ زمان حدوث العلم
[[page 468]]الإجمالیّ ـ لو کان ینفع فی ذاته ـ فهو یعارض باستصحاب بقاء الجهل، وعدم تنجّز التکلیف، وعدم الاستحقاق إلیٰ زمان الخروج وحدوث العجز. وهذا أولیٰ ممّا ذکره العلاّمة المذکور رحمه الله فإنّه غیر تامّ کما یأتی تحقیقه إن شاء الله تعالی.
[[page 469]]