المقصد العاشر فی الاشتغال

تذییل : حول الشبهة الحیدریة

کد : 163592 | تاریخ : 11/04/1385

تذییل : حول الشبهة الحیدریة

‏ ‏

‏حکی عن بعضهم: «أنّ قضیّة القول بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقی دون‏‎ ‎‏الملاقیٰ ـ بالفتح ـ هو الالتزام بحلّیة الملاقی ـ بالکسر ـ مع عدم إحراز طهارته،‏‎ ‎‏وبالأخرة هو التفکیک بین قاعدتی الحلّ والطهارة؛ بجریان الاُولیٰ دون الثانیة. وهذا‏‎ ‎‏یشهد أیضاً علیٰ لزوم الاجتناب»‏‎[1]‎‏.‏

‏وکأنّه ‏‏قدس سره‏‏ أراد بذلک دعویٰ تنجیز العلم الإجمالیّ بالنسبة إلی الملاقی؛ إمّا‏‎ ‎‏مستنداً إلی العلم الأوّل بإدخاله فی المتعلّق، أو بالعلم الثانی، أو بما ذکرناه.‏

وبالجملة:‏ هناک اُصول مترتّبة؛ ففی الرتبة الاُولیٰ یجری الأصلان السببیّان‏‎ ‎‏فی الملاقیٰ والطرف، وفی الرتبة الثانیة یکون الشکّ فی حلّیة کلّ من الملاقیٰ‏‎ ‎


‎[[page 518]]‎‏والطرف مسبّباً عن الشکّ فی طهارتهما، کما یکون الشکّ فی طهارة الملاقی ـ‏‎ ‎‏بالکسر ـ مسبّباً عن طهارة الملاقیٰ، فالاُصول الثلاثة فی هذه الرتبة متعارضة،‏‎ ‎‏فیبقیٰ أصل الحلّ فی الملاقی ـ بالکسر بلا معارض.‏

‏وحیث لایمکن الالتزام به علیٰ إشکال فیه، یتبیّن تنجیز العلم بالنسبة إلی‏‎ ‎‏الملاقی، وتصیر النتیجة عدم جریان الاُصول فی الأطراف کلّها، أو یلزم التعارض‏‎ ‎‏بین الأصل الجاری فی الملاقی ـ بالکسر ـ مع أصل الطهارة الجاری فی الطرف؛‏‎ ‎‏لکونهما مورد العلم الثانی، ولیس بینهما السببیّة والرتبة کما عرفت‏‎[2]‎‏.‏

وإن شئت قلت:‏ بعد جریان قاعدة الطهارة لا حاجة إلیٰ أصالة الحلّ؛ ضرورة‏‎ ‎‏أنّ مقتضی الأدلّة الاجتهادیّة حلّیة الطاهر، فلا تصل النوبة إلیٰ قاعدة الحلّ.‏

‏نعم، حیث لایمکن الالتزام بحلّیة الإناءین ولو بتنقیح موضوع تلک الأدلّة،‏‎ ‎‏تصل النوبة إلیٰ قاعدة الحلّ، وهی أیضاً متعارضة المصداقین مع قاعدة الطهارة فی‏‎ ‎‏الملاقی. إلاّ أنّ الحقّ معارضتها مع القاعدة فی الطرف کما عرفت، فالشبهة تتوجّه‏‎ ‎‏إلی القائلین بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ فی أیّ من الصور کان،‏‎ ‎‏فلیتدبّر.‏

إن قیل:‏ لا وجه لتوهّم معارضة قاعدة الطهارة فی الملاقی مع القاعدة فی‏‎ ‎‏الطرف إلاّ فی صورة التنجیز، وإلاّ فالمعارضة ممنوعة، کما هو الظاهر.‏

قلنا:‏ القول بالتنجیز یقتضی وجوب الموافقة القطعیّة، والقول بعدمه لا یقتضی‏‎ ‎‏جواز المخالفة القطعیّة؛ ضرورة أنّه یمکن التفکیک بینهما، کما مرّ فی أوائل‏‎ ‎‏البحث‏‎[3]‎‏، فإذا علم وجداناً بأنّه إمّا یجب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ أو‏‎ ‎‏الطرف، لایمکن تجویز المخالفة القطعیّة بشرب الملاقی والطرف وإن لم یکن‏‎ ‎


‎[[page 519]]‎‏الطرف منجّزاً بمعناه المزبور، فعندئذٍ تقع المعارضة طبعاً للمعلوم فی البین، فلا فرق‏‎ ‎‏عند التحقیق بین القول بالتنجیز، والقول بعدمه فی حصول المعارضة العرَضیّة.‏

‏نعم، علی القول: بأنّ العلم الثانی لا أثر له، والعلم الأوّل یمنع عن جریان‏‎ ‎‏الاُصول فی الأطراف، کما علیه «التهذیب»‏‎[4]‎‏ أو هو علّة تامّة للمنع، کما علیه‏‎ ‎‏العلاّمة الأراکیّ ‏‏رحمه الله‏‎[5]‎‏ فلا شبهة، وإلاّ فالشبهة ناشئة عن السببیّة والطولیّة بین‏‎ ‎‏الشکوک، والمعارضة علیٰ کلّ تقدیر بین الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف.‏

‏بل الشبهة تأتی وإن لم تجرِ الاُصول أطراف العلم؛ لأنّها تجری بین الملاقی‏‎ ‎‏ـ بالکسر والطرف، وتقع المعارضة، ویلزم التفکیک کما لایخفیٰ.‏

‏نعم، علیٰ ما أبدعناه : من عدم المعارضة مطلقاً بین الاُصول والعلم‏‎ ‎‏الإجمالیّ‏‎[6]‎‏، فلا شبهة أیضاً، کما هو الواضح.‏

‏ولأحدٍ الالتزام بالتفکیک، أو دعویٰ أنّ السببیّة والمسبّبیة هنا غیر تامّة‏‎ ‎‏الشرائط، فالشکّان عرضیّان لا طولیّان، کما صرّح به الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎[7]‎‏ وقد‏‎ ‎‏مرّ بجوابه.‏

‏والذی یبقیٰ بعد اللتیّا والتی ما ذکرناه: من أنّ أصل الطهارة والحلّ فی‏‎ ‎‏الطرف، یسقطان بمعارضة الأصل فی الملاقیٰ، ولکنّهما ینهضان ثانیاً لمعارضة‏‎ ‎‏الأصل فی الملاقی؛ لما عرفت من أنّ ما هو المعارض هو المصداق، دون الطبیعیّ‏‎ ‎‏بالضرورة، وانحلال القاعدة الکلّیة الشرعیّة إلی المصادیق الکثیرة تابع الحاجة‏‎ ‎‏العقلائیّة‏‎[8]‎‏، وعندئذٍ إذا کان الأصل فی الملاقی ففی الطرف أصل یعارضه‏‎ ‎


‎[[page 520]]‎‏ویسقطان، وإذا وصلت النوبة إلیٰ أصل الملاقی ینهض مصداق آخر فی الطرف‏‎ ‎‏یعارضه قهراً وطبعاً؛ لتمامیّة الشکّ الذی هو موضوعه، ومساس الحاجة إلیه کما هو‏‎ ‎‏الواضح، فافهم واغتنم.‏

‏فلا وقع لهذه الشبهة، بخلاف الشبهة السابقة، والله الموفّق.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 521]]‎

  • )) لاحظ مصباح الاُصول 2 : 413 ـ 414.
  • )) تقدّم فی الصفحة 513 ـ 514.
  • )) تقدّم فی الجزء السادس : 184 ـ 189 ، وفی هذا الجزء : 307 ـ 308 .
  • )) تهذیب الاُصول 2 : 300 ـ 301.
  • )) نهایة الأفکار 3 : 358.
  • )) تقدّم فی الصفحة 358.
  • )) تهذیب الاُصول 2 : 307 ـ 308.
  • )) تقدّم فی الصفحة 514 ـ 515.

انتهای پیام /*