المسألة الثالثة فی الأقلّ والأکثر

البحث الخامس فی الأسباب والمحصّلات

کد : 163622 | تاریخ : 03/12/1385

البحث الخامس فی الأسباب والمحصّلات

‏ ‏

‏والذی ینبغی أن یعلم أولاً: أنّ محطّ النزاع هنا هو ما إذا کان الأمر معلوماً‏‎ ‎‏بالتفصیل، والمأمور به واضحاً بالمفهوم سعة وضیقاً، ولا یکون فی محطّ الأمر‏‎ ‎‏والإیجاب إجمال وإبهام، وإنّما الإجمال فی الجهة الأجنبیّة عن محطّ الأمر‏‎ ‎‏والإیجاب.‏

وثانیاً:‏ أنّ الأسباب والمحصّلات تنقسم إلی العقلیّة، والعادیّة، والعقلائیّة،‏‎ ‎‏والشرعیّة:‏

فمن الأوّل:‏ سببیّة الإرادة للحرکة، فإنّ الثانیة موجودة خارجاً بالاُولیٰ.‏

ومن الثانی:‏ سببیّة الشیء الفلانیّ للإشباع الواجب فی الکفّارة، أو فی باب‏‎ ‎‏إطعام الوالدین. والمثال الأوضح سببیّة الإلقاء للاحتراق.‏

ومن الثالث:‏ استهلاک الزوجة لمقدار الکسوة والسکنیٰ والمأکول، وسببیّة‏‎ ‎‏العقد الفعلیّ واللفظیّ لتلک الملکیّة، أو تملّک أرباب الزکاة والخمس لمقدار حقّهما،‏‎ ‎‏وسببیّة الإفراز أو الردّ إلی الولیّ أو إلیهم بلا صیغة مثلاً.‏

ومن الرابع:‏ سببیّة الغسلات والمسحات للطهور الواجب فرضاً، أو سببیّة‏
‎[[page 59]]‎‏الصور الواجبة والواجبات الظاهریّة لما هو الواجب الواقعیّ؛ وهی المصالح علیٰ‏‎ ‎‏مذهب العدلیّة.‏

‏فإنّ فی الأوّل والثانی لا یتدخّل الشرع، ولا یصلح تدخّله، وفی الثالث‏‎ ‎‏والرابع یتدخّل الشرع، ویصلح ذلک؛ ضرورة أنّ فی مثل القتل والإشباع، یکون‏‎ ‎‏العقل والعرف مقتدراً علیٰ درکهما ودرک تحقّقهما، بخلاف مثل الملکیّة والطهارة،‏‎ ‎‏فإنّه ربّما لا یتعقّل العقلاء حصول الملکیّة بالمعاطاة أو بمثلها من موارد الشکّ‏‎ ‎‏والإجمال فی السببیّة والمحصّلیة، وهکذا فی حصول الطهارة والغرض والمصلحة‏‎ ‎‏بوجه أوضح.‏

‏فالإجمال والإبهام فی المسائل السابقة، کان حول الأدلّة اللفظیّة بالقیاس إلیٰ‏‎ ‎‏حدود المأمور به جعلاً وتشریعاً، وهنا بالقیاس إلیٰ تحقّق المأمور به تأثیراً وسببیّة‏‎ ‎‏وتحصیلاً.‏

‏بقی هنا أمران کی یتّضح محطّ الخلاف ومصبّ النزاع:‏

‏ ‏

الأمر الأوّل : فی تمحّض البحث بالشکّ فی السقوط

‏ ‏

‏إنّ البحث حسبما عرفت، حول ما إذا کان المأمور به معلوماً بحدوده، سواء‏‎ ‎‏کان أمراً بسیطاً، أو مرکّباً ذا مراتب ودرجات، فلو کان الشکّ فی حدوده ـ من الأقلّ‏‎ ‎‏والأکثر والبساطة والدرجات ـ یکون خارجاً عن مسألة الأسباب والمسبّبات،‏‎ ‎‏فإطالة العلاّمة الأراکیّ ‏‏رحمه الله‏‏ کلّها أجنبیّة عن هذه المسألة‏‎[1]‎‏، وإطالة البحث حول‏‎ ‎‏مواضح ضعف مقالات القوم هنا وفی غیر المقام من اللغو المنهیّ عنه.‏

‏وعلیٰ هذا، یکون الشکّ فی السقوط هنا دائماً، إلاّ أنّه تارة: یکون مرجع حلّ‏‎ ‎‏الشکّ والجهالة العقل والعرف، واُخری: العقلاء بإمضاء الشرع ورضاه وتسبیب‏
‎[[page 60]]‎‏الشرع وکشفه.‏

‏ ‏

الأمر الثانی : فی أجنبیة بحث المعاملات هنا

‏ ‏

‏إنّ الجهة المبحوث عنها حول وجود الأسباب والمسبّبات والمحصِّل‏‎ ‎‏والمحصَّلات علیٰ تقدیر صحّة السببیّة والمسبّبیة، وأمّا الورود فی أنّ باب‏‎ ‎‏المعاملات هل هی من باب الأسباب والمسبّبات، أو الموضوع والأحکام؟ فهو من‏‎ ‎‏المناقشة فی مثال المسألة، وخارج عن دأب المحقّقین.‏

وبالجملة تحصّل:‏ أنّ فیما نحن فیه لیس إجمال فی التکلیف، کما کان فی‏‎ ‎‏دوران الأمر بین المتباینین، وفی الأقلّ والأکثر علیٰ بعض التقاریر.‏

وأیضاً:‏ لیس إجمال فی المکلّف به، کما کان فی المتباینین، وفی الأقلّ‏‎ ‎‏والأکثر، وأنّه هل المأمور به هو الأقلّ أو الأکثر أو أنّ الصلاة التی هی المأمور بها‏‎ ‎‏تنحلّ إلی تسعة أجزاء أو عشرة أجزاء؟‏

‏بل هنا کلّ من الأمر والمأمور به واضح ومبیّن، إلاّ أنّ المأمور به لمّا کان من‏‎ ‎‏الاُمور التی یتسبّب إلیه باُمور عقلیّة وغیر عقلیّة، یلزم الشکّ فی حصوله وسقوطه.‏

‏فالفرق بین الجهة المبحوث عنها هنا وهناک: أنّ البحث هناک فی تعلّق الأمر‏‎ ‎‏بالمعیّن أو بالمعنی الکلّی المنطبق علیه ـ ولاسیّما فی الأقلّ والأکثر ـ یکون الشکّ‏‎ ‎‏فی حدود الجعل والتشریع، وفیما نحن فیه یرجع الشکّ دائماً فی السقوط. ولو رجع‏‎ ‎‏الشکّ فی الثبوت، یکون هو الخارج عن حدود النزاع ومحطّ التشاحّ، فلا تغفل.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 61]]‎

  • )) نهایة الأفکار 3: 401 ـ 408.

انتهای پیام /*