المسألة الثالثة فی الأقلّ والأکثر

بقی تنبیه : فی اعتبار القاطعیة بالنسبة إلی المرکّبات

کد : 163637 | تاریخ : 18/11/1385

بقی تنبیه : فی اعتبار القاطعیة بالنسبة إلی المرکّبات

‏ ‏

‏ما ذکرناه من امتناع تصویر المانع بالنسبة إلی المرکّبات الاعتباریّة‏‎ ‎‏والاختراعات الشرعیّة، یجری بالنسبة إلی القاطع؛ لأنّه أمر خارج عن حدود‏‎ ‎


‎[[page 86]]‎‏المأمور به ومتعلّق الأمر، ولا ینحلّ المرکّب إلیه، بخلاف سائر الأجزاء الصوریّة‏‎ ‎‏کالفاتحة والرکوع، والتحصیلیّة کالطهور والاستقبال. وما ذکرنا وجهاً للإمکان‏‎ ‎‏یجری هنا أیضاً، إلاّ أنّ الأدلّة قاصرة عن إفادة ذلک المعنیٰ، بل الأدلّة ترجع إلی‏‎ ‎‏القیود العدمیّة.‏

‏نعم، فی خصوص القاطع علی الوجه الثانی ـ وهو کون المرکّب مورد العنوان‏‎ ‎‏الخاصّ ـ فإنّه ربّما یضادّ الأمر الخارجیّ ذلک العنوان، فلا تعتبر مثلاً جزءً وشرطاً‏‎ ‎‏فی الصلاة، ولا کونها عبادة. ولکنّه یستفاد من الأدلّة أن تکون الصلاة المفروض‏‎ ‎‏وجودها، صالحة لانتزاع عنوان «العبادة» وعند ذلک ربّما یضادّ بعض الأشیاء‏‎ ‎‏انتزاعها منها، کما إذا رقص ولو قلیلاً فی حال الصلاة، أو ضحک فیها.‏

‏وأمّا الضحک لله تعالیٰ أو للحسین ‏‏علیه السلام‏‏ فلا ینافیها، بل یؤکّد عبادیّتها، فإذا‏‎ ‎‏ورد مثلاً فی الأدلّة قاطعیّة الضحک، فتلزم الشبهة التی ذکرناها؛ ضرورة أنّ الصلاة‏‎ ‎‏وهیئتها الاتصالیّة باقیة عرفاً، فلابدّ من ضمّ الادعاء الشرعیّ علیٰ أنّها لیست بصلاة‏‎ ‎‏ادعاءً، نظراً إلی الأثر المقصود: وهو بقاء الأمر الصلاتیّ أو غیرها من المرکّبات.‏

‏أو تقاس القاطعیّة بالنسبة إلی الصلاحیة، وهو المتعیّن؛ ضرورة أنّه لو کان‏‎ ‎‏شیء قاطعاً عرفاً للهیئة الاتصالیّة، فلا یکون فرق بین کونه لله ، أو لغیر الله ، مثلاً هیئة‏‎ ‎‏الکوز تنکسر وتتقطّع بضرب العصا، سواء کانت عصا موسیٰ ‏‏علیه السلام‏‏ أو کانت خیزران‏‎ ‎‏یزید علیه لعائن الله ، فالتفصیل فی البقاء بین البکاء منه تعالیٰ ولغیره تعالیٰ، فی غیر‏‎ ‎‏محلّه؛ لأنّ النیّة والقربیّة أجنبیّة عن مضادّة الوجود والمضادّة مع الهیئة الاتصالیّة‏‎ ‎‏وعنوان الصلاة، ولذلک لو بکیٰ بکاءً شدیداً عالیاً فی الصلاة خوفاً منه تعالیٰ، فإنّه‏‎ ‎‏ینافی عنوان الصلاة علی الأشبه، فافهم.‏

‏ثمّ إنّه ربّما یکون بعض الأشیاء، مانعاً عن قابلیّة الأجزاء المتعاقبة لانتزاع‏‎ ‎‏الهیئة الاتصالیّة، فیکون هناک مرکّب ذو أجزاء صوریّة، وذو اعتبار خاصّ؛ وهو‏‎ ‎


‎[[page 87]]‎‏توالی الأجزاء، وأن تکون الأجزاء صالحة لانتزاع الهیئة الاتصالیّة، کما یکون البیت‏‎ ‎‏ذا هیئة اتصالیّة.‏

‏ومن ذلک الأکل الکثیر، أو الضحک الشدید بین الفاتحة والسورة مثلاً فإنّه‏‎ ‎‏یضرّ بالتوالی المعتبر فی أجزاء الصلاة، ویوجب سقوطها عن صلاحیتها لانتزاع‏‎ ‎‏الهیئة الاتصالیّة، زائداً علی مضادّته لاعتبار کونها عبادة، ویکون ذلک بحکم العرف،‏‎ ‎‏وعندئذٍ لا بأس به؛ لکونه قاطعاً لتلک الهیئة، أو موجباً لعدم إمکان تحقّق تلک الهیئة‏‎ ‎‏بعدم تحقّق ما هو منشأ انتزاعها.‏

‏وهذا بخلاف المانع، فإنّه یمنع فی الاعتبار مثلاً عن وجود الممنوع فی‏‎ ‎‏الخارج، وهو وجود الصلاة والمرکّب المأمور به بالأمر النفسیّ. فالقاطع یقطع ما‏‎ ‎‏یکون مورد الأمر الغیریّ والشرط التحلیلیّ، والمانع یمنع ما یکون مورد الأمر‏‎ ‎‏النفسیّ، فلا ینبغی الخلط بین الاعتبارین.‏

‏نعم، کونها شیئاً مانعاً أو قاطعاً یحتاج إلی الدلیل، وتفصیله فی الفقه.‏

‏هذا مع أنّک عرفت: أنّ من القواطع ما یوجب عدم صلاحیة المرکّب لانتزاع‏‎ ‎‏العنوان اللازم، بخلاف المانع، فإنّه یعتبر دائماً بالقیاس إلیٰ وجود المرکّب. ولذلک‏‎ ‎‏عدّ الفعل الکثیر من القواطع؛ ضرورة أنّه ربّما لا یکون الفعل المقرون مع الأعمال‏‎ ‎‏الکثیرة، صالحاً لانتزاع عنوان العبودیّة، کما هو الواضح.‏

‏وأمّا عدم تخصیص الفقهاء فصلاً للموانع بإرجاعها إلی القیود العدمیّة، فهو‏‎ ‎‏لقصور بالهم، وقلّة اطلاعهم، والأمر سهل جدّاً. أو لارتقائهم الفکریّ إلی امتناع‏‎ ‎‏المانع بمعناه الواقعیّ، ورجوع جمیع الاُمور إلی القیود الوجودیّة أو العدمیّة، بخلاف‏‎ ‎‏بعض الفروض من القواطع، ولذلک خصّصوا لها باباً خاصّاً وفصلاً مخصوصاً،‏‎ ‎‏فلیتدبّر جیّداً.‏

‎ ‎

‎[[page 88]]‎

انتهای پیام /*