التنبیه الرابع حول التفصیل بین الأحکام التکلیفیّة والوضعیّة
وهو تفصیل محکیّ عن الفاضل التونیّ رحمه الله بین الأحکام التکلیفیّة والوضعیّة؛ تخیّلاً أنّ المستصحب ـ انصرافاً ـ لابدّ وأن یکون بنفسه أثراً، والوضعیّات لیست کذلک.
أو ظنّاً بأنّ ما بید الشرع هو القسم الأوّل، دون الثانی، فلیس الاستصحاب إلاّ جاریاً فی القسم الأوّل، دون الثانی؛ ضرورة أنّ النهی عن نقض الیقین بالشکّ وتحریمه، یساعد علی التفصیل المذکور.
أو توهّماً أنّ الاستصحاب معذّر ومنجّز، ولا معنیٰ لذلک إلاّ بالنسبة إلی القسم الأوّل، دون الثانی.
ویتوجّه إلیه أوّلاً: لزوم تفصیله بین الاستصحابات الحکمیّة والموضوعیّة؛ لأنّ الثانیة أبعد من کونها أثراً ومجعولاً تکلیفیّاً، ثمّ یندرج فیه الوضعیّات؛ لمشابهتها بها من هذه الجهة التی هی المهمّة بالبحث فی الاُصول.
وثانیاً: أنّ مورد التمسّک به فی بعض الأخبار السالفة لا یکون مناسباً للنهی، ولا للتنجیز، بعد إمکان أن یتوضّأ ویعید صلاته، کما فی الخبرین الأوّلین، ویعدّ من الوضعیّات.
[[page 424]]وثالثاً: إنّا نأخذ بإطلاق دلیل الاستصحاب القانونیّ العامّ؛ من غیر النظر إلی المستصحب أو الأمر الشخصیّ، فیستصحب النجاسة، کما یستصحب العدالة والفسق والوجود والعدم؛ باعتبار الأثر المترتّب علیها بعد کون النهی ناظراً إلی اعتبار حجّیة الاستصحاب علی الإطلاق ما لم یقم وجه لصرفه أو لقطع حجّیته.
ورابعاً: لا یکون النهی للتحریم، بل هو من قبیل الأمر باتباع الثقة بالضرورة.
[[page 425]]