الأمر الثانی : حول تقسیم الجعل إلی البسیط والمرکّب
قد حرّرنا: أنّ حدیث تقسیم الجعل إلی البسیط والمرکّب، صحیح بحسب اللغة.
وأمّا بحسب التحقیق: فإنّ الله یجعل وجود زید، ویجعل حرکة زید، وتدریجیّة علم زید وهکذا، ولا یجعل شیئاً شیئاً؛ من غیر فرق بین أن یکون الشیء الثانی ملازماً غیر مفارق للشیء الأوّل، أو غیر ملازم، فلا یجعل النار علّة ولا محرقةً للقطن الکذائیّ، بل بجعل النار تجعل العلّیة، أو یجعل علّیة شیء لشیء بسیطاً، فیظهر فساد ما فی الکتب العقلیّة، فضلاً عن الکتب الاُصولیّة، فلا یجعل إلاّ نجاسة الکلب، أو طهارة الماء، أو طهارة المغتسل به، أو جزئیّة الفاتحة، أو غیر ذلک کملکیّة زید لداره، وغیر ذلک.
وأمّا بحسب اللغة، فالأمر المحرّر: أنّ الحقائق الحکمیّة لا تقتنص من الإطلاقات العرفیّة والاستعمالات السوقیّة، فلا یجعل زید قائماً، بل یجعل قیام زید، وهکذا فی المقولات والمحمولات بالضمیمة.
هذا إذا نظرنا إلی الاعتبارات بعین العقل، وإلاّ فالأمر فیها أوسع. وأمّا البراهین المنتهیة إلیٰ أنّه ـ تعالیٰ لا یرید ولا یجعل إلاّ بسیطاً، فتطلب من محالّها.
[[page 429]]