المقصد الحادی عشر فی الاستصحاب

مشاکل الاستصحاب التعلیقی

کد : 163878 | تاریخ : 22/03/1385

مشاکل الاستصحاب التعلیقی

‏ ‏

‏إذا تبیّنت هذه الاُمور یظهر لک: أنّه کما لا یصیر الوجوب المشروط بتحقّق‏‎ ‎‏شرطه فعلیّاً، لا یعتبر فی المستصحب أن یکون حکماً فعلیّاً، أو موضوعاً ذا حکم،‏‎ ‎‏کما ذکرنا ذلک مراراً‏‎[1]‎‏، فالمستصحب قضیّة شرطیّة یتعبّد بها حال الشکّ؛ بمقتضیٰ‏‎ ‎‏أدلّة الاستصحاب وإطلاقها.‏


‎[[page 548]]‎‏وما فی کلام الشیخ‏‎[2]‎‏ وغیره من جرّ البحث إلیٰ جعل السببیّة وأمثال ذلک‏‎[3]‎‏،‏‎ ‎‏خروج عن البحث؛ لما عرفت فی بعض المقدّمات: من أنّ للشرع اعتبار أمر عدمیّ‏‎ ‎‏شرطاً فی القضیّة الشرطیّة، مع أنّه لا معنیٰ لسببیّته وتأثیره.‏

‏ولعمری، إنّ کثیراً من المقالات هنا ینقدح فسادها بالتدبّر فی الاُمور‏‎ ‎‏المذکورة.‏

ویظهر أیضاً:‏ أنّ «الکفایة» وإن وصلت إلیٰ أصل المشکلة، ولکنّ جوابها‏‎ ‎‏بکفایة التعبّد بالحکم الإنشائیّ‏‎[4]‎‏، فی غیر محلّه.‏

‏کما ظهر عدم اشتراط کون المستصحب حکماً فعلیّاً، أو قضیّة فعلیّة؛ لما‏‎ ‎‏عرفت: من أنّ الوجوب المشروط دائماً مشروط حتّیٰ فی صورة العلم بتحقّق‏‎ ‎‏الاستطاعة‏‎[5]‎‏.‏

وقد ظهر:‏ أنّ الحکم المشروط لیس له الفعلیّة، فقضیّة المراتب للحکم فاسدة‏‎ ‎‏من جهات کثیرة، ومنها هذه الجهة.‏

‏وما فی تقریرات العلاّمة النائینیّ‏‎[6]‎‏ یکشف عن عدم وصوله إلیٰ مغزی‏‎ ‎‏المسألة؛ لما عرفت فی بعض الاُمور: من أنّ منشأ الشکّ لیس احتمال النسخ هنا،‏‎ ‎‏کی یعارض بمقالة النراقیّ ‏‏رحمه الله‏‎[7]‎‏ وقد مرّ فسادها بما لا مزید علیه‏‎[8]‎‏، وما هو المنشأ‏‎ ‎‏اُمور اُخر إمّا خارجیّة، أو غیرها.‏


‎[[page 549]]‎‏فتوهّم مثل ذلک من مشکلات جریان التعلیقیّ‏‎[9]‎‏ غلط، کما عرفت فی بعض‏‎ ‎‏الاُمور السابقة؛ لأنّه بحث آخر: وهو رجوع القیود إلی الموضوع وعدمه، فإنّه‏‎ ‎‏مضافاً إلیٰ فساده ـ وإن قال الشیخ ‏‏رحمه الله‏‏ بامتناع تقیید الهیئة کما تحرّر فی محلّه‏‎[10]‎‏ـ‏‎ ‎‏غیر صحیح أن یعدّ من مشکلات هذه المسألة المفروض تعلیقیّة الحکم فیها.‏

‏فالذی تحرّر: أنّ هذه المسألة لا تدور حول حدیث الموضوع والحکم، أو‏‎ ‎‏فعلیّة الحکم وعدمها، کی یناقش فیها.‏

‏المشکلة الثالثة : هی أنّه وإن کانت أرکان الاستصحاب محفوظة فی التعلیقیّ،‏‎ ‎‏وإنّما یطرأ الشکّ بعد الیقین بالخیار للبیّعین؛ لأجل تصرّف أحدهما مثلاً فیما انتقل‏‎ ‎‏إلیه، ولکنّ الاستصحاب مثبت؛ لأنّ مقتضی التعبّد بالقضیّة المعلّقة الاجتهادیّة ـ‏‎ ‎‏حسب الخبر الواصل ـ هو التعبّد بالحکم بعد تحقّق الشرط بالنسبة إلی الموضوع،‏‎ ‎‏وهذا ممّا لا بأس به بالنسبة إلی الأحکام الکلّیة.‏

‏وأمّا قضیّة أدلّة الاستصحاب المنطبقة علی الخارج، فهی التعبّد بالحکم علیٰ‏‎ ‎‏تقدیر الشرط المتعبّد به، فیلزم الوساطة بعد کون الموضوع محفوظاً فی حالتی‏‎ ‎‏الیقین والشکّ وجداناً. والتشبث بخفاء الواسطة غیر واقع فی محلّه.‏

وبعبارة اُخریٰ:‏ القضیّة الشرطیّة ترجع إلیٰ أنّه علیٰ تقدیر الغلیان یکون ماء‏‎ ‎‏العنب حراماً، وما هو المجعول شرعاً لیست السببیّة کی یرجع التقدیریّ إلی‏‎ ‎‏التنجیزیّ، ولا الملازمة، بل هو الحرمة أو الوجوب علی التقدیر. والتعبد بالقضیّة‏‎ ‎‏الشرطیّة فی ظرف الشکّ، لا ینتهی إلی الأثر إلاّ بعد إحراز الشرط، فإذا اُحرز‏‎ ‎‏الشرط فیحکم بالحرمة أو الوجوب حسب الاستصحاب، فیکون ذلک من الأصل‏‎ ‎‏المثبت.‏


‎[[page 550]]‎وبعبارة اُخریٰ:‏ ما هو محطّ جعل المولیٰ هو أمر کلّی، وما هو محطّ جریان‏‎ ‎‏الاستصحاب خارج عن جعله، وتابع للاستصحاب.‏

وفیه:‏ أنّ الأصل المثبت حقیقته هی الحکم أو نفیه عن موضوع لأجل التعبّد‏‎ ‎‏بما تعلّق به الیقین، وهو غیر ذلک الموضوع، إلاّ أنّ التعبّد بوجود البیاض فی الجسم‏‎ ‎‏ینافی السواد فیه، فعندئذٍ یرفع حکم السواد أو یثبت حکم عدم السواد بإجراء التعبّد‏‎ ‎‏بالبیاض. وأمّا فی مثل المقام فما یتعبّد به هی القضیّة الشرطیّة التی هی شرطیّة‏‎ ‎‏دائماً، إلاّ أنّه دائماً یتنجّز الجزاء بإحراز الشرط؛ وهو الاستطاعة مثلاً أو غیرها، فلا‏‎ ‎‏واسطة فی البین.‏

مثلاً:‏ کان زید إذا باع شیئاً لا یجب علیه الوفاء، فإذا شکّ فی ذلک ـ لأجل‏‎ ‎‏خصوصیّة طرأت علیه ـ یتعبّد بتلک القضیّة، إلاّ أنّ بیعه خارجاً یحرز وجداناً،‏‎ ‎‏ویحکم بعدم الوجوب حسب التعبّد بتلک القضیّة، لا باستصحاب خاصّ فی ناحیة‏‎ ‎‏الشرط أو الجزاء.‏

‏وهذا بعینه فی الاستصحابات المنجّزة؛ أی غیر المعلّقة، والفعلیّة، فإنّه‏‎ ‎‏باستصحاب بقاء الموضوع یحکم بوجوب الإکرام، إلاّ أنّه لا یجری بالنسبة إلی‏‎ ‎‏الحکم استصحاب خاصّ به، فافهم واغتنم.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 551]]‎

  • )) تقدّم فی الصفحة 133 و 374 .
  • )) فرائد الاُصول 2 : 654 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 471 .
  • )) کفایة الاُصول : 467 ـ 468 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 547 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 461 ـ 472 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 542 ـ 544 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 533 ـ 535 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 4 : 472 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 52 .

انتهای پیام /*