المقصد السابع فی القطع وأحکامه

الصورة الاُولیٰ : تعلّق الحکم بعنوان بما هو هو

کد : 163920 | تاریخ : 24/11/1385

الصورة الاُولیٰ : تعلّق الحکم بعنوان بما هو هو

‏ ‏

‏أی ما یکون غیر مشتمل علیٰ عنوان القطع وما یساوقه، ویکون خالیاً منه،‏‎ ‎‏وهو الأکثر القریب من الاتّفاق، فیکون الحکم فیها متعلّقاً بالعنوان المأخوذ فیها،‏‎ ‎‏سواء کان من العناوین الکلّیة، أو من قبیل العناوین الشخصیّة، کـ «البیت، وعرفات،‏‎ ‎‏ومنی، والمشعر» وغیر ذلک، ولایکون للقطع دخل فی هذه الصورة ثبوتاً.‏

‏نعم، یکون القطع علی القول بمنجّزیته ومعذّریته، حجّة عقلیّة وعرفیّة،‏‎ ‎‏وکاشفاً طبعاً عن الحکم والموضوع. ولا تأتی هنا الأقسام الکثیرة المتصوّرة له؛‏‎ ‎‏فإنّها مخصوصة بالقطع المأخوذ فی تلک القوانین الموجودة فیما بین أیدینا. ومن‏‎ ‎‏هنا یظهر حسن طریقنا فی کیفیّة الورود فی هذه المسألة.‏

وأمّا توهّم :‏ أنّ البحث المزبور غیر جیّد، فهو فی محلّه، إلاّ أنّه توطئة للبحث‏‎ ‎‏عن مسألة قیام الطرق والأمارات مقام القطع، فإنّه من أقسامه تظهر موارد القیام‏‎ ‎‏وعدمه، ووجه القیام وعدمه، کما لایخفیٰ.‏

‏ ‏


‎[[page 95]]‎

وهـم 

‏ ‏

‏یتوجّه إلی القائلین بانحلال الخطاب إلی الخطابات الشخصیّة الجزئیّة‏‎[1]‎‏،‏‎ ‎‏امتناع کون القانون محفوظَ الإطلاق بالنسبة إلیٰ صورة القطع وعدمه؛ ضرورة أنّ‏‎ ‎‏الجاهل کیف یشترک مع العالم فی الحکم، مع أنّ توجیه الخطاب إلی الجاهل ـ فی‏‎ ‎‏الامتناع ـ فی حدّ توجیهه إلی العاجز والغافل؟!‏

‏فالإطلاق ممتنع فی ذات الأدلّة، وإذا امتنع الإطلاق امتنع التقیید، فیلزم‏‎ ‎‏مشکلة غیر قابلة للحلّ؛ لأنّ الحکم وإن لم یکن بحسب المصالح والمفاسد متقیّداً،‏‎ ‎‏ولکن لمکان امتناع توجیه الخطاب إلی الجاهل، یعجز المولیٰ عن إیصال مرامه؛‏‎ ‎‏وهو تکلیف الجاهل، وتوجیه الخطاب الجدّی إلیه، وعندئذٍ إذا امتنع إطلاق القانون‏‎ ‎‏بالنسبة إلی الجاهل، امتنع التقیید بالقیاس إلی العالم؛ لما سیأتی تفصیله فی الصورة‏‎ ‎‏الثالثة من الصور، وهو أنّ التقیید یستلزم الدور‏‎[2]‎‏.‏

وبالجملة :‏ ما تخیّله المتأخّرون کلّهم: من أنّه فی هذه الصورة لایکون‏‎ ‎‏إشکال؛ لأنّ القطع یعدّ کاشفاً وطریقاً، ویکون الحکم متعلّقاً بموضوعه علیٰ إطلاقه؛‏‎ ‎‏لعدم أخذ العلم قیداً لا للحکم، ولا فی الموضوع، إنّما هو فی غیر محلّه؛ لأنّ عدم‏‎ ‎‏أخذ المولیٰ قیداً، یدلّ ـ حسب الظاهر ـ علیٰ سعة محبوبیّة المادّة، واشتراک العالم‏‎ ‎‏والجاهل، ولکن تدخّل العقل فی المسألة لشبهة، یوجب أن تکون جمیع القوانین‏‎ ‎‏مبتلیة بمشکلة ذات شعبتین، وتصیر النتیجة عدم إمکان وصول المولیٰ إلیٰ مرامه؛ لا‏‎ ‎‏إلیٰ تکلیف الجاهل، ولا إلیٰ تکلیف العالم.‏


‎[[page 96]]‎

‏وهذه الشبهة ذکرناها فی مباحث الترتّب‏‎[3]‎‏، وهی أقویٰ من شبهة اختصاص‏‎ ‎‏الخطابات بالقادرین؛ ضرورة أنّه من إطلاق الخطاب بالنسبة إلی العاجز، یلزم‏‎ ‎‏محذور توجیه العاجز وتکلیفه ، وهو محال، بخلاف التقیید، فإنّه لیس بمحال؛ إذ لا‏‎ ‎‏محذور ـ کالدور وشبهه ـ فی اختصاص الخطابات بالقادرین.‏

أقول :‏ قد تصدّی القوم فی الصورة الثالثة ـ وهی أنّه کیف یمکن للمولیٰ‏‎ ‎‏اختصاص حکمه بالعالم به؟ ـ للجواب‏‎[4]‎‏، ولکن تلک الأجوبة لاتنفع للمقام؛ وهو‏‎ ‎‏اشتراک الجاهل والعالم.‏

‏نعم، فی کلام العلاّمة النائینیّ ‏‏قدس سره‏‏ التمسّک هناک بمتمّم الجعل ونتیجة الإطلاق‏‎ ‎‏لسرایة الحکم إلی الجاهل‏‎[5]‎‏، مع أنّ البحث فی ذلک المقام، مخصوص بصورة‏‎ ‎‏اختصاص الحکم بالعالم.‏

‏وکان ینبغی أن یلتفتوا إلیٰ هذه المشکلة فی هذه الصورة؛ حتّیٰ تنحلّ به‏‎ ‎‏معضلة الاختصاص من ناحیة أنّ مرام المولیٰ أعمّ، لا من ناحیة أنّ إفادة‏‎ ‎‏الاختصاص تستلزم المحذور العقلیّ؛ وهو الدور، فلاینبغی الخلط فیما هو المهمّ‏‎ ‎‏بالمقصود فی هذه المسألة، کما خلطوا.‏

فبالجملة :‏ إذا کان المولیٰ مرامه إفادة الاشتراک، یستلزم ذلک توجیه الجاهل‏‎ ‎‏بالخطاب الخاصّ به، وهو محال، وهذا هو مشکلة هذه الصورة.‏

‏وأمّا مشکلة الصورة الثالثة؛ وهی أنّ مرام المولیٰ إذا کان إفادة اختصاص‏‎ ‎‏الحکم بالعالم به، فیلزم منه الدور، فلابدّ من حلّها هناک، کما لابدّ من حلّ المشکلة‏


‎[[page 97]]‎

‏الاُولیٰ هنا، فاغتنم.‏

‏وحیث قد فرغنا من حلّها فی تلک المسألة بما لا مزید علیه، وذکرنا هناک‏‎ ‎‏هذه المشکلة أیضاً، فلا وجه لإعادته.‏

وإجماله :‏ أنّ الخطابات القانونیّة، متصدّیة لإفادة الأحکام الفعلیّة بالنسبة إلیٰ‏‎ ‎‏کافّة الأنام علیٰ حدّ سواء، من غیر لزوم إشکال عقلیّ.‏

ثمّ اعلم :‏ أنّ قیام الدلیل علیٰ اشتراک العالم والجاهل فی الحکم، لایستلزم‏‎ ‎‏رفع المحذور؛ لأنّ المحذور من ناحیة کیفیّة إمکان جعل الحکم.‏

‏نعم، یمکن استفادة مطلوبیّة المادّة ومبغوضیّتها فی الواجبات والمحرّمات‏‎ ‎‏بدلیل، ولکنّه یمکن المناقشة فی الدلیل، ودعوی الضرورة‏‎[6]‎‏ مدفوعة: بأنّها ناشئة‏‎ ‎‏من إطلاق الأدلّة، ولو استقرّت الشبهة العقلیّة تنتفی الضرورة.‏

‎[[page 98]]‎

  • )) وهو المعروف المشهور وقد خالفهم المؤلّف قدس سره تبعاً لوالده العلاّمة الإمام الخمینی قدس سره، لاحظ تحریرات فی الاُصول ، الجزء الثالث : 341 .
  • )) یأتی فی الصفحة 117 .
  • )) تقدّم فی الجزء الثالث : 439 ـ 440 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینیّ) الکاظمی 3 : 11 ـ 14 ، نهایة الدرایة 3 : 68 ـ 70 ، نهایة الأفکار 3 : 15 ـ 17 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینیّ) الکاظمی 3 : 11 ـ 14 .
  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینیّ) الکاظمی 3 : 12 .

انتهای پیام /*