المقصد الثامن فی الظنّ

تذنیب : فی حلّ المشکلة بلحاظ الاُصول المتصدیة لجعل الحکم أو رفعه

کد : 163981 | تاریخ : 24/09/1385

تذنیب : فی حلّ المشکلة بلحاظ الاُصول المتصدیة لجعل الحکم أو رفعه

‏ ‏

‏هذا تمام الکلام فی الطرق والأمارات والاُصول التی ثمرتها فی التعذیر‏‎ ‎‏والتنجیز.‏

‏وأمّا الاُصول المتصدّیة لجعل الحکم فی ظرف الشکّ علی المشکوک، أو‏‎ ‎‏المتصدیة لرفع الحکم عن المجهول، والمنسیّ، والمغفول عنه وأمثاله، فیمکن حلّ‏‎ ‎‏المشکلة بالنسبة إلیها علیٰ أن یقال: بأنّ النسبة بین العنوان الموضوع للأدلّة الواقعیّة‏‎ ‎‏وبین هذه العناوین، عموم من وجه، فتکون المسألة من صغریات باب الاجتماع‏‎ ‎‏والامتناع، فلا تفویت، ولا إلقاء.‏

‏نعم، علی القول: بأنّ النسبة عموم مطلق، أو تکون القضیّة حینیّة، فیشکل؛‏‎ ‎‏للزوم إنکار الأحکام الفعلیّة عندما کان المشکوک والمجهول حراماً وواجباً؛ فإنّ‏‎ ‎‏قاعدة الحلّ وحدیث الرفع‏‎[1]‎‏، تستلزم خلوّ الواقع من الفعلیّة والإرادة الجدّیة‏‎ ‎‏الزاجرة والباعثة، کما عرفت فی الطرق والأمارات وسائر الاُصول المجعولة علیٰ‏‎ ‎‏ضوئها، فتدبّر.‏


‎[[page 239]]‎ومنها:‏ یلزم نقض الغرض؛ ضرورة أنّ جعل الأحکام الواقعیّة المطلقة علیٰ‏‎ ‎‏عناوینها، ثمّ جعل ما یؤدّی إلیٰ خلافها أحیاناً، من نقض الغرض الممتنع علیه‏‎ ‎‏تعالیٰ وتقدّس.‏

‏ولا یتقوّم نقض الغرض الممنوع فی حقّه تعالیٰ بجعل الحجّیة، أو إیجاب‏‎ ‎‏العمل علیٰ طبقها، أو تأسیس الأصل المنتهی إلیٰ خلافها أحیاناً، بل ذلک لازم‏‎ ‎‏الارتضاء والإمضاء، فلو کان المولیٰ ذا غرض فی ایجاب العناوین الواقعیّة‏‎ ‎‏وتحریمها علیٰ ما یریدها علیٰ إطلاقها، فلابدّ من إیجاب تحصیل العلم والاحتیاط،‏‎ ‎‏فإذا رضی بخلاف ذلک، فهو ینافی تلک الإرادة الإیجابیّة والتحریمیّة.‏

‏والفرار من ذلک بما مرّ ـ وهو أنّ نقض الغرض یجوز عقلاً؛ إذا کان لغرض‏‎ ‎‏آخر أهمّ فی محلّه، إلاّ أنّه یرجع إلیٰ إنکار الفعلیّة، وإنکار وجود الإرادة الحتمیّة‏‎ ‎‏فی موارد عدم وصول الأمارة بالنسبة إلیٰ بعضهم دون بعض.‏

‏بل بالنسبة إلی الکلّ؛ ضرورة إمکان عدم وصول حکم من الأحکام إلی‏‎ ‎‏المتأخّرین عن الوحی بالمرّة، وهذا خلاف ما هو مبنی الإشکال ـ بل الإشکالات ‏‎ ‎‏فی المقام، أو خلاف ما هو المفروض والمأمول الأقصیٰ؛ وهو تصویر اشتراک الکلّ‏‎ ‎‏فی الأحکام؛ سواء کانوا عالمین، أو جاهلین.‏

‏ونرجو من الله تعالیٰ أن یوفّقنا لحلّ هذه المشکلة ـ وهی الغائلة فی مسألة‏‎ ‎‏الجمع بین الحکم الظاهریّ والواقعیّ فی الأمارات والطرق والاُصول.‏

ومنها:‏ یلزم طلب الضدّین، وطلب الجمع بین ما لا یمکن جمعهما، وهو من‏‎ ‎‏طلب المحال الراجع إلی الطلب المحال، ضرورة أنّ إیجاب العمل بالطرق والاُصول‏‎ ‎‏المحرزة المنتهیة أحیاناً إلیٰ خلاف الواقع، وإیجابَ الواقع علیٰ ما هو علیه، یستلزم‏‎ ‎‏فی موارد الخطأ، أن یطلب المولی الملتفت والحکیم العالم المتوجّه، أن یجمع بین‏‎ ‎‏العمل بما یخالف الواقع وبین الواقع ولازمه، أن یأتیٰ بصلاة الجمعة، وأن یترک‏‎ ‎


‎[[page 240]]‎‏الجمعة؛ فأنّ صلاة الجمعة واقعها المطلوب النفسانیّ، وترکها المطلوب بإیجاب‏‎ ‎‏الأخذ بالطرق والأمارات الناهضة علیٰ حرمتها ووجوب ترکها، ولا یعقل الجمع‏‎ ‎‏بین الطلبین، وإن لم یکن فیهما فی مصبّ واحد اجتماع المتضادّین، أو لا مضادّة فی‏‎ ‎‏الأحکام رأساً، ولکن یلزم طلب المحال، وطلب ما لا یمکن؛ وهو فعل الصلاة‏‎ ‎‏وترکها، کما لا یخفیٰ.‏

قد مرّ: ‏أنّ هذه الغائلة لا تختصّ بالطرق والأمارات؛ لا شتراک القطع معها فی‏‎ ‎‏کونه مجعولاً وممضیً مثلها، وقد مرّ أیضاً: أنّه حتّیٰ لو کان منجعلاً، لاشترک معها‏‎ ‎‏فی المشکلة، حسب قیاس الإرادة التکوینیّة والتشریعیّة‏‎[2]‎‏؛ ضرورة أنّ من یرید‏‎ ‎‏خلق صفة القطع المنتهیٰ أحیاناً إلیٰ خلاف الواقع، کیف یتمکّن من إرادة وجوب‏‎ ‎‏صلاة الجمعة علی الإطلاق؟! فکما لابدّ من حلّ هذه المعضلة بالنسبة إلیٰ غیره،‏‎ ‎‏لابدّ من حلّها بالنسبة إلیه أیضاً.‏

‎ ‎

‎[[page 241]]‎

  • )) الخصال : 417 / 9 ، وسائل الشیعة 15 : 369 ، کتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس، الباب56، الحدیث 1 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 215 ـ 216 .

انتهای پیام /*