فذلکة البحث
إنّ التمسّک باستصحاب عدم الحجّیة، والتمسّکَ بقاعدة المساوقة، غیر راجع إلیٰ محصّل، فتبقی القاعدة المضروبة لحال الشکّ المنتجة لانتفاء آثار الحجّیة، کالتنجیز والتعذیر.
وأمّا انتفاء جواز الإسناد والاستناد، فهو بحث خارج عن المسألة الاُصولیّة، وعلیٰ ما قرّبناه لصیرورتها اُصولیّة، تکون نافعة؛ لما عرفت من تمامیّة الملازمة بین الانتفاء المزبور واللاحجّیة الواقعیّة؛ علیٰ مذهب القوم فی تفسیرها، وأمّا علیٰ ما عرفت فلا.
وغیر خفیّ : أنّه علیٰ کلّ تقدیر فی موارد الشکّ فی الحجّیة، لایجوز ترتیب آثار الحجّیة علیٰ مؤدّاها، ولاتـترتّب آثارها علیه بالضرورة، وإنّما الاختلاف فی المسألة علماً وصناعة.
نعم، لو قلنا بجریان استصحاب عدم الحجّیة، یجوز إسناد هذا العدم إلی الشرع، فتأمّل.
وأمّا إطالة البحث حول الآیة والسنّة والإجماع؛ لتحریم الإسناد والاستناد فی موارد الشکّ، فهی خارجة.
والتحقیق : أنّ الآیة غیر واضح سبیلها، والسنّة واضحة فی حرمة التقوّل والإسناد والاستناد المنتهی إلی الإسناد عملاً، ولکنّها ربّما ترشد إلیٰ حکم العقل بممنوعیّته.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الممنوعیّة العقلیّة ثابتة فی الجملة، ومقتضیٰ إطلاق تلک الأدلّة أعمّ. مع أنّ الممنوعیّة العقلیّة، لاتورث استحقاق العقوبة؛ لإمکان ترخیص
[[page 290]]الشرع علیٰ خلافه إلاّ فی بعض الموارد الخاصّة، وقد حرّرنا المسألة من هذه الجهة فی بحوث التجرّی.
ثمّ إنّ هناک تقاریب اُخر للأصل، إلاّ أنّها لاترجع إلیٰ مهمّ فی البحث. وقد خرجنا عن طور الکلام فی المقام؛ لما فیه من الدقائق العلمیّة، مع بعض الفوائد الفقهیّة، والله العالم بالحقائق.
إذا تبیّنت هذه الجهات، حان وقت مباحث المسألة.
[[page 291]]
[[page 292]]