الجهة الاُولیٰ : فی تعریف الإجماع
قد عرّف الإجماع بتعاریف، فعن الغزّالی: «أنّه اتفاق الاُمّة الإسلامیّة».
وعن الفخر: «أنّه اتفاق أهل الحلّ والعقد».
وعن الحاجبیّ: «أنّه اتفاق المجتهدین من هذه الاُمّة».
وربّما یقال: إنّ المتأخّرین حیث رأوا أنّ الإجماع بالتفسیر الأوّل، غیر حاصل علیٰ أمر الخلافة، ارتکبوا الفساد، وفسّروه بما ینطبق علیٰ مرادهم.
وأنت خبیر: بأنّ الإجماع من المفاهیم العرفیّة، والذی هو مفهومه التدقیقیّ المأخوذ من حدیث مشهور عنه صلی الله علیه و آله وسلم هو اجتماع الاُمّة، ولا یضرّ بهذا المفهوم خروج الفرد النادر الشاذّ.
[[page 355]]ویؤیّده ما فی أخبارنا، ففی مقبولة عمر بن حنظلة: «خذ بما اشتهر بین أصحابک ودع الشاذّ النادر؛ فإنّ المجمع علیه لا ریب فیه» فإنّ منه یستفاد أنّ الاتفاق، لا یتضرّر بخروج النادر الشاذّ، فیکون المفهوم المسامحیّ منه ذلک، أو هو مفهومه التدقیقیّ أیضاً عرفاً.
وأمّا قضیّة الخلافة، فما هو مورد اتفاق الاُمّة الإسلامیّة، هی خلافة أمیر المؤمنین علیه السلام وإنّما الاختلاف فی خصوصیّاتها؛ وهی الأوّلیة، والرابعیّة، وأمّا الثلاثة الباقون فخلافتهم خلافیّة، فأصل الخلافة ثابت له علیه السلام دون غیره، فاغتنم.
وأمّا تعریف الإجماع بالوجه الأحسن، فهو موقوف علیٰ میزان حجّیته، فإنّه ربّما یختلف ذلک باختلاف رأیهم فی المسألة الآتیة؛ ضرورة أنّ القائل بحجّیة الإجماع من باب القطع، ربّما یحصل له القطع من العدّة القلیلین، والقائلَ: بأنّ میزان الحجّیة هی الملازمة العقلیّة، یعتبر الاتفاق بمعناه التدقیقیّ، وربّما یضرّ خروج مجهول النسب عنه ولو کان واحداً، فلو أخبر أحد من المجمعین: بذهاب شخص مجهول عنده إلی الخلاف، فهو یضرّ بالإجماع الحدسیّ والدخولیّ، بل واللطفیّ، مع أنّه قد حصل الاتفاق الکلّی من المعلوم نسبهم، فلو کان الإجماع هو الاتفاق المفید للقطع، فلا یکون الاتفاق المزبور منه، کما لا یخفیٰ.
ومن هنا یظهر ما فی کلام جمع من الأصحاب رحمهم الله الخائضین فی هذه المرحلة من البحث، والأمر سهل.
[[page 356]]