المقصد الثامن فی الظنّ

بقی شیء : حول تعارض السنة المفتیٰ بها مع الصحاح المعرض عنها

کد : 164057 | تاریخ : 08/07/1385

بقی شیء : حول تعارض السنة المفتیٰ بها مع الصحاح المعرض عنها

‏ ‏

‏مقتضیٰ مقبولة عمر بن حنظلة حجّیة الروایة المشهورة؛ وذلک إمّا لأنّ‏‎ ‎‏موردها الخبر المشهور، أو لعموم الدلیل والتعلیل، وهکذا قضیّة إطلاق مرفوعة‏‎ ‎‏زرارة السابقة‏‎[1]‎‏.‏

‏فهناک تعبّد خاصّ خارج عن نطاق البناءات العقلائیّة، ولازمه وجوب الأخذ‏‎ ‎‏بتلک الصحاح، فتقع المعارضة بین الصحاح المعرض عنها، والسنّة المفتیٰ بها،‏‎ ‎‏وکلاهما مشهوران، فیرجع إلیٰ سائر المرجحات.‏

أقول:‏ أمّا مورد الخبر، فلا شبهة فی أنّه الخبر المعمول به والشهرة العملیّة؛‏‎ ‎‏ضرورة أنّه بیّن الرشد، وأنّه لا ریب فیه.‏

‏وأمّا عموم التعلیل فلا ینفع؛ لأنّ الخبر المعرض عنه لا یکون ممّا لا ریب‏‎ ‎‏فیه، بل فیه کلّ الریب، ولا یکون إلاّ بیّن الغیّ، فإنّ نقل الأصحاب روایة فی کتبهم،‏‎ ‎‏وإعلانهم خلافها بالإفتاء علیٰ ضدّها، یورث کونها بیّنة الغیّ فی محیط العرف،‏‎ ‎‏والشرع لیس مؤسّساً فی هذه الساحة، ولا یرید من هذه الجمل ومن خبر‏‎ ‎‏التثلیث‏‎[2]‎‏، إلاّ ما یفهمه العقلاء، فإذا نظرنا إلیها، نجد أنّ المرفوعة والمقبولة، لیستا‏‎ ‎‏إلاّ فی موقف یقفه العقلاء.‏


‎[[page 397]]‎وتوهّم:‏ أنّ قوله ‏‏علیه السلام‏‏: ‏«لا ریب فیه»‏ لیس إخباراً، بل هو تعبّد بعدم الریب،‏‎ ‎‏غیر تامّ؛ لما لا معنیٰ للتعبّد بما فیه الریب الکلّی بأنّه ‏«لا ریب فیه»‏ فهو تعبّد بالنسبة‏‎ ‎‏إلیٰ مواقف قصور البناءات العقلائیّة، لا بالنسبة إلیٰ وجود البناءات علیٰ ضده‏‎ ‎‏ونقیضه.‏

مثلاً:‏ إذا ورد فی الشرع: ‏«من استولیٰ علیٰ شیء منه فهو له»‎[3]‎‏ فإنّه إمضاء‏‎ ‎‏للبناء العرفی، ولا تعبّد فی مورد قصور بناء العقلاء، کما فی الید المشبوهة.‏

‏وأمّا توهّم کونه تعبّداً فی مورد ید الغاصب المستولی؛ بتوهّم أنّ إطلاق‏‎ ‎‏الحدیث یشمل یده، فهو واضح الفساد.‏

‏وفیما نحن فیه أیضاً یکون الأمر کما تحرّر، فاستفادة حجّیة الأخبار‏‎ ‎‏المعرض عنها من الخبرین المذکورین، ممنوعة جدّاً، فالخبر المشهور وإن لم یکن‏‎ ‎‏شاذّاً بحسب السماع، ولکنّه فیه الریب، وبیّن الغیّ، وتکون شهرته مضرّة بحاله.‏

‏وأمّا الفتوی المشهورة بلا وجود الخبر، فهی أیضاً لیست مورد الخبرین، فما‏‎ ‎‏هو مورد الخبرین هی الروایة المفتیٰ بها، فإنّها مشهورة طبعاً، ولیست شاذّة، ولیس‏‎ ‎‏فیها الریب، وهی بیّنة الرشد، ولا غیّ فیها.‏

‏ولا حاجة إلیٰ دعویٰ دلالة الخبرین علیٰ عدم حجّیة الصحاح المعرض عنها‏‎ ‎‏التی تکون مشهورة؛ بدعویٰ أنّها بیّنة الغیّ، وفیها الریب؛ لمعارضتها بأنّها مشهورة،‏‎ ‎‏ولیست شاذّة، وغیر مسموعة، ولا مذکورة.‏

ودعویٰ:‏ أنّ المراد من ‏«الشاذّ»‏ هو الشذوذ فی الفتویٰ، أوّل البحث وإن‏
‎[[page 398]]‎‏اختاره الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎[4]‎‏ ولکنّه ممّا لا وجه له، فالصحاح المعرض عنها‏‎ ‎‏لیست حجّة؛ لما سلف. نعم لو کانت غیر مشهورة روایة، تکون مندرجة فی‏‎ ‎‏الخبرین.‏

وغیر خفیّ:‏ أنّ مرفوعة زرارة وإن کانت قابلة فی ذاتها للدلالة علی الشهرة‏‎ ‎‏الروائیّة، إلاّ أنّها غیر نقیّة سنداً، وبملاحظة المقبولة تکون دالّة علیٰ حدود ما تدلّ‏‎ ‎‏علیها المقبولة، فلاحظ وتدبّر جیّداً.‏

‏ ‏

ذنابة

‏ ‏

‏ممّا ذکرنا یتبیّن حال المسألة الثالثة؛ وهی الصحاح الموجودة فی قبال‏‎ ‎‏الشهرة الفتوائیّة أیضاً، فإنّه یکون وهنها هنا أظهر وأولیٰ؛ ضرورة أنّ الشهرة‏‎ ‎‏الفتوائیّة الکاشفة عن اشتهار الحکم، تستلزم المناقشة إمّا فی صدورها، أو جهة‏‎ ‎‏صدورها، فلا تـتمّ شرائط حجّیتها حتّیٰ تقابل بالسنّة، أو الحکم المستکشف بها.‏

‏ولذلک تریٰ: أنّ فی مواقف الإجماع الکاشف عن السنّة، لا یتعامل مع السنّة‏‎ ‎‏معاملة سائر السنن بالتخصیص والتقیید، بل یؤخذ بإطلاق معقد الإجماع، ولیس‏‎ ‎‏ذلک إلاّ لأنّ المکشوف به هو تمام المراد، والأخبار المتعارضة معه ـ ولو کانت‏‎ ‎‏بالإطلاق والتقیید ـ غیر صالحة للعمل بها رأساً، وهذا معناه عدم حجّیتها ذاتاً.‏

‏وحیث قد مرّ: أنّ الإجماع لیست حجّیته إلاّ لأجل اشتهار الحکم فی مورده،‏‎ ‎‏ولا یکون الاتفاق الکلّی شرطاً‏‎[5]‎‏، فالشهرة فی الحقیقة تکون حجّة کاشفة عن‏‎ ‎‏اشتهار الحکم، أو وجود السنّة، وموجبة لوهن الأخبار المختلفة معها فی المضمون.‏

‎ ‎

‎[[page 399]]‎

  • )) تقدّمت فی الصفحة 384 .
  • )) وسائل الشیعة 27 : 157، کتاب القضاء، أبواب صفات القاضی، الباب 12، الحدیث 9، و162، الحدیث 28 .
  • )) وسائل الشیعة 26 : 216 کتاب الفرائض والمواریث ، أبواب میراث الأزواج ، الباب 8 ، الحدیث 3 .
  • )) تهذیب الاُصول 2 : 200 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 361 ـ 363 .

انتهای پیام /*