الأمرالثانی: حول أصل الصدور وجهته وتشخیص الظهور وأصالته
قد اشتهر بینهم: «أنّ إثبات الحکم الشرعیّ بالخبر الواحد، یتوقّف علیٰ أربعة اُمور: أصل الصدور، وجهة الصدور، وتشخیص الظهور، وأصالة الظهور» المعبّر عنها بـ «حجّیته».
وهذا لمکان فساده لابدّ من الإشارة إلیه؛ ضرورة أنّ جهة الصدور، لیست إلاّ کون الکلام مراداً؛ وکون المراد الاستعمالیّ عین المراد الجدّی، وهو عین «أصالة الظهور» المعروفة فی کلماتهم.
وبالجملة: یتوقّف إثبات الحکم الشرعیّ علیٰ أصل الصدور، وتشخیص الظهور، والمراد الاستعمالیّ، ثمّ بعد ذلک کشف کونه مطابقاً للجدّ، قبال ما إذا لم یکن مطابقاً له قطعاً، کما إذا علمنا أنّه صدر عن تقیّة، أو کان فی کلامه قرینة علیٰ خلافه، کما فی العامّ المتعقّب بالمخصّص، وفی المطلق بعد التقیید، فإنّ الکلّ من
[[page 411]]باب واحد.
نعم، حیث إنّه مع کونه مطابقاً للجدّ حسب الاُصول العقلائیّة، یمکن أن لا یکون حجّة ممضاة، فلابدّ من إثبات حجّیة الظهور، ولذلک ذکرنا أنّه فی هذا التقریب، یکون البحث عن حجّیة الظهور کبرویّاً.
وبالجملة: بعد ما تبیّن ذلک، وتبیّن سابقاً تمام البحث حول تشخیص الظاهر، وحجّیة الظهور، فلا معنیٰ لعقد البحث عن جهة الصدور؛ لأنّه لیس بحثاً مستقلاًّ، فما فی کتب القوم من انتظام البحث عنه علیٰ حِدَة، ناش عن الغفلة عن حقیقة الأمر، وهذا یؤیّد ما ذکرناه.
فینحصر البحث الأخیر فی حجّیة خبر الواحد صدوراً؛ وأنّ ما یکون دلیلاً علی الصدور تامّ، أم لا.
[[page 412]]