الجهة الرابعة : فی محتملات المنطوق شرطاً وجزاءً
فی منطوق هذه القضیّة الشرطیّة احتمالات:
احتمال کون النبأ، تمام الموضوع لإیجاب التبیّن.
واحتمال کون الفسق تمام العلّة.
واحتمال الاشتراک.
واحتمال کلّ واحد منهما علیٰ نعت الاستقلال.
واحتمال خامس: وهو کون النبأ علّة تامّة، والفسق موجباً لتأکّد الإیجاب، أو بالعکس.
وغیر خفیّ: أنّ بعضاً من تلک الاحتمالات ربّما یمتنع ثبوتاً، والأمر سهل بعد عدم مساعدة الإثبات معه، فلا تغفل.
وعلی الاحتمال الأوّل والخامس، تسقط الآیة عن صلاحیة الاستدلال لحجّیة خبر العادل، ولازمها عدم حجّیة مطلق الخبر.
والأظهر من بینها هی دخالة الفسق؛ إمّا بالاستقلال، أو بالاشتراک، وعلیٰ هذا تکون الآیة من هذه الجهة، صالحةً للاستدلال، لولا الإشکالات الاُخر الآتیة فی الجهات اللاحقة.
فما قد یظهر من أنّ التعلیل بالذاتیّ أولیٰ من التعلیل بالعرضیّ، أو یقال:
[[page 450]]«إنّ ذکر العرضیّ مع الذاتیّ، دلیل علیٰ دخالة العرضیّ تماماً» فکلّه خالٍ من التحصیل؛ لأنّ المقام لیس مقام لحاظ الذاتیّة والعرضیّة، بل المقام مقام مراعاة القضیّة الواردة؛ وکیفیّة أخذ القیود فیها، ولا ریب فی أنّ النبأ وإن کان بحسب الذات محتمل الصدق والکذب، ولا یکون مأموناً من الخطأ وعدم الإصابة، ولکن یحصل الأمن من الجهة اللاحقة به؛ وهو المخبر، فإن کان کاذباً فلا یحصل الأمن، بخلاف ما إذا کان متحرّزاً من الکذب، فالفسق دخیل إمّا تماماً، أو جزءً.
وحیث إنّ تحلیل القضیّة إلیٰ أنّ فسق المخبر دخیل لاخبره، بعید عن الأفکار العرفیّة، یخطر بالبال بدواً: أنّ الفسق والخبر موضوع مفید لإیجاب التبیّن، وسبب وجیه له.
هذا، ولکنّ الإنصاف علیٰ خلافه؛ وذلک لأنّه لو کان الخبر دخیلاً فی الإیجاب، للزم دخالته فی حجّیة خبر العادل المنتزعة من عدم وجوب التبیّن، ولا معنیٰ لکون الخبر دخیلاً فی الحجّیة واللاحجّیة، فیکون الخبر حجّة ولا حجّة باعتبار المخبر الثقة وغیر الثقة، فهناک موضوع وهو «النبأ» وعلّة لعروض التالی والجزاء علیه وهو «الفسق» فالفسق سبب عروض وجوب التبیّن علی الخبر، والنبأ واللافسق سبب لاعتبار حجّیة الخبر بانتفاء وجوب التبیّن، لو لم یکن فی البیّن إشکال آخر، فلا تخلط.
[[page 451]]