المقصد الثامن فی الظنّ

أحدها : التمسّک بمناسبة الحکم والموضوع

کد : 164093 | تاریخ : 03/06/1385

أحدها : التمسّک بمناسبة الحکم والموضوع

‏ ‏

‏أنّ مقتضیٰ مناسبة الحکم والموضوع، کون التبیّن معلول الفسق، فیجب‏‎ ‎‏إیضاح خبر الفاسق، وإذا کان الخبر من العادل، فلا یجب إیضاحه. واحتمال کونه‏‎ ‎‏غیر جائز العمل ولو کان واضح الصدق‏‎[1]‎‏، غیر صحیح، فیعلم منه جواز العمل.‏

وإن شئت قلت:‏ إنّ مقتضی المناسبة بین الحکم والموضوع، کون الوجوب‏‎ ‎‏غیر نفسیّ، ولیس الوجوب شرطیّاً؛ بمعنیٰ أنّ جواز العمل بخبر الواحد، مشروط‏‎ ‎‏بالعلم بالصدق؛ ضرورة أنّه مع العلم بالصدق، لا یکون المستند خبر الفاسق.‏

‏وتوهّم: أنّ المراد من «التبیّن» هو الوثوق، کما فی تقریرات العلاّمة‏‎ ‎‏الأراکیّ ‏‏قدس سره‏‏حذراً من الإشکال المذکور‏‎[2]‎‏، غیر صحیح؛ لأنّ الوثوق والاطمئنان‏‎ ‎‏ـ کالعلم ـ حجّة بعنوانه؛ حسب خبر مَسْعدة بن صدقة، فإنّ قوله: ‏«فإنّ الأشیاء کلّها‎ ‎علیٰ ذلک حتّیٰ تستبین»‎[3]‎‏ ظاهر فی حجّیة الاستبانة التی هی أعمّ من العلم،‏‎ ‎‏فالوجوب شرطیّ لجواز العمل بمضمون الخبر، لا بخبر الفاسق، بحیث یکون خبر‏‎ ‎‏الفاسق مستنداً، حتّیٰ یقال ما یقال.‏

‏فما فی کلام الشیخ أیضاً غیر تامّ: «وهو أنّ وجوب التبیّن، شرط لجواز‏‎ ‎‏العمل بخبر الفاسق»‏‎[4]‎‏ إلاّ إذا رجع إلیٰ ما ذکرناه: وهو إلغاء إضافة الخبر إلی‏‎ ‎‏الفاسق، ولا یکون المقصود حجّیة خبر الفاسق بالشرط، فعلیٰ هذا تکون المناسبة‏‎ ‎‏مقتضیة لکون الإیجاب، معلولَ احتمال تعمّد الکذب، لا الکذب والخطأ؛ لأنّ‏‎ ‎


‎[[page 470]]‎‏احتمال الخطأ لا یناسب الفسق. مع أنّ أصالة عدم الخطأ العقلائیّة، معتبرة فی‏‎ ‎‏الفاسق وغیره، فالوجوب مترشّح عن جهة الفسق، ویرتفع قهراً بارتفاعه.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ إیجاب إیضاح صدق خبر الفاسق ممکن؛ لما لا حرمة‏‎ ‎‏للفاسق، وأمّا العادل فإیجاب إیضاح خبره، خلاف کونه عادلاً متحرّزاً من الکذب،‏‎ ‎‏وخلاف حرمته. وهذا لا ینافی وجوب الإیضاح من جهة عدم الأمن من التخلّف‏‎ ‎‏عن الواقع.‏

‏وأمّا أخذ الفسق؛ فهو لأجل أنّ عدم الأمن فیه أکثر، لعدم تحرزه من الکذب،‏‎ ‎‏فکأنّه اُخذ الفسق للإشارة إلیٰ فسق المخبر فی المورد، وإلیٰ عدم الحرمة للفاسق‏‎ ‎‏بإیجاب إیضاح خبره. مضافاً إلیٰ أنّ عدم الأمن معلول الفسق غالباً‏‎[5]‎‏.‏

ویمکن أن یقال:‏ إنّ أخذ الفسق طرح لدخالة عدم الأمن المشترک، وإشارة‏‎ ‎‏إلیٰ أنّه ولو کان دخیلاً ثبوتاً ومناسبة، إلاّ أنّه عندنا غیر دخیل فی الإیجاب. وکون‏‎ ‎‏«الفاسق» نکرة فی القضیّة الشرطیّة مفیداً للعموم ـ حسب تصریح أهل الأدب، کما‏‎ ‎‏فی «التفسیر الکبیر» ـ یشعر بأنّ النظر لیس إلیٰ إراءة فسق المخبر فقط، وإلاّ کان‏‎ ‎‏المناسب إتیانه معرّفاً، ویصیر «الألف واللام» حینئذٍ ظاهراً فی العهد الحضوریّ‏‎[6]‎‏.‏

وبالجملة:‏ العمل بمضمون خبر الفاسق منوط بالعلم بالصدق، أو الوثوق‏‎ ‎‏والاطمئنان، وأمّا العمل بمضمون خبرالعادل، فلایحتاج إلی الإیضاح والعلم المزبور.‏

‏نعم، یتمّ بهذا التقریب مدّعانا، لو لم یکن الغالب فی موارد قیام خبر العدل،‏‎ ‎‏حصول الوثوق والاطمئنان بالصدق، فإنّه لأجل ذلک لا یتمّ التقریب المزبور. وممّا‏‎ ‎‏ذکرنا تظهر مواضع الضعف فی کلمات القوم هنا.‏

کما ظهر:‏ أنّه لیس من الاتکال علیٰ مفهوم الوصف، بل هواتکال علیٰ فهم‏‎ ‎


‎[[page 471]]‎‏العقلاء فی خصوص المسألة، وإلاّ فالبیان المزبور لا یجری فی قولک: «أکرم العالم»‏‎ ‎‏لأنّ النظر فی التقریب المذکور الظاهر من الشیخ ‏‏قدس سره‏‏ إلیٰ بیان نکتة الاتکال علیٰ ذکر‏‎ ‎‏الفسق‏‎[7]‎‏، وما هو النکتة علیٰ ما احتملناه: هی أنّ خبر الفاسق بما هو خبر فاسق، لا‏‎ ‎‏یستـتبع الوثوق والاطمئنان‏‎[8]‎‏ مطلقاً، وخبرَ العادل ربّما یستـتبع الاطمئنان فی‏‎ ‎‏السبعین من المائة، فیکون ذکر الفسق لأجل تلک الغلبة، وهذا لا ینافی وجوب‏‎ ‎‏التبیّن فی الثلاثین من المائة فی خبر العادل، فاغتنم.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 472]]‎

  • )) نهایة الأفکار 3: 107.
  • )) نهایة الأفکار 3: 108.
  • )) وسائل الشیعة 17: 89 کتاب التجارة، أبواب ما یکتسب به، الباب 4، الحدیث 4.
  • )) فرائد الاُصول 1 : 117 .
  • )) الفصول الغرویّة: 275 / السطر 20.
  • )) التفسیر الکبیر 28: 119 ـ 120.
  • )) فرائد الاُصول 1: 117 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 454 .

انتهای پیام /*