المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

الطریقة الاُولیٰ : ما سلکه المشهور

کد : 164344 | تاریخ : 25/07/1395

الطریقة الاُولیٰ

‏ ‏

‏ما هو المشهور بین أهل الأدب والاُصولیّین‏‎[1]‎‏، وظنّوا أنّ المجاز هو استعمال‏‎ ‎‏اللفظ فی غیر ما هو الموضوع له؛ لمناسبة وعلاقة خاصّة بین المعانی الحقیقیّة‏‎ ‎‏والمجازیّة.‏

‏واختلفوا فی أنّه جائز مطلقاً‏‎[2]‎‏، أو لابدّ من الوضع الشخصیّ‏‎[3]‎‏، أو‏‎ ‎‏النوعیّ‏‎[4]‎‏، أو المناسبة الخاصّة المصرّح بها فی کلمات القوم، فلایجوز التعدّی عمّا‏‎ ‎‏وصل إلینا من الاستعمالات المجازیّة إلیٰ غیرها، بل لابدّ من الاقتصار علی‏‎ ‎‏العلاقات المعیّنة البالغة إلیٰ خمسة وعشرین مثلاً‏‎[5]‎‏، فذهب إلیٰ کلّ احتمال جمع.‏


‎[[page 163]]‎‏والذی اختاره «الکفایة» هو الأوّل‏‎[6]‎‏، فلاضیق من الجوانب الاُخر، فلا‏‎ ‎‏حاجة إلی الوضع، ولا إلی الترخیص، ولا إلی العلاقات المعیّنة، بل الملاک حسن‏‎ ‎‏الاستعمال، وموافقة الذوق السلیم، والذهن المستقیم؛ لشهادة الوجدان، ولما نجد من‏‎ ‎‏جوازه فیما لم یصل منهم بالنسبة إلیه الإذن والترخیص، کما فی استعمال اللفظ فی‏‎ ‎‏نوعه ومثله.‏

أقول :‏ یتوجّه إلی هذه الطریقة أوّلاً : أنّ الوضع الشخصیّ أو النوعیّ إمّا لا‏‎ ‎‏معنیٰ له فی المقام، أو یستلزم خروج الکلام فی المقام عمّا هو المقصود والمرام،‏‎ ‎‏فعلیه ینحصر الأمر باشتراط الإذن والترخیص، وهو غیر مبرهن، لا لعدم کون‏‎ ‎‏الواضع أهلاً لذلک، کما فی کلام القوم‏‎[7]‎‏، بل لأنّ الشرطیّة تحتاج إلی الدلیل، وهو‏‎ ‎‏غیر مذکور.‏

وثانیاً :‏ إطلاق اللفظ وإرادة معناه الموضوع له أمر، وکون ذلک المعنیٰ‏‎ ‎‏مقصوداً بالأصالة أمر آخر.‏

وبعبارة اُخریٰ :‏ قد یتّفق إطلاق اللفظ فی مورد لایصحّ إلحاقه بالکلمات‏‎ ‎‏الموروثة من البلغاء، حتّیٰ یندرج فی الطریقة الآتیة عن السکّاکی أو الأصفهانیّ، بل‏‎ ‎‏هو إطلاق متعارف؛ فإنّه لایصحّ حینئذٍ تتمیم ذلک بتلک الطرق الخارجة عن أفهام‏‎ ‎‏متعارف الناس.‏

مثلاً :‏ إذا سئل عن منزل زید فی شارع کذا؟ فیقول المجیب: «اسأل هذه‏‎ ‎‏الدکّة» فإنّه لیس مقام إدراج هذه الکلمة فی کلمات الفصحاء، حتّیٰ یقال: بأنّه فی‏‎ ‎‏مقام ادعاء أنّه رجل مشهور فی البلد؛ بحیث تعرفه الدکّة، أو أنّ الدکّة فی هذه البلد‏‎ ‎‏تکون شاعرة وفهیمة وقابلة للسؤال، أو یکون فی مقام أنّ السائل لیس من جنس‏
‎[[page 164]]‎‏البشر ونوع الإنسان حتّیٰ یجیبه الشاعر، بل ینبغی أن یجیبه الجامد أو غیر ذلک.‏

‏فعلیٰ هذا، لا یأتی ما أفاده أهل الذوق من المعاصرین فی جمیع‏‎ ‎‏الاستعمالات.‏

‏ولکن لایلزم مع ذلک کلّه، استعمال اللفظ فی غیر ما هو الموضوع له، بل فی‏‎ ‎‏المثال المذکور وفی جمیع المواقف، لایستعمل الهیئات ولا الموادّ إلاّ فیما هو‏‎ ‎‏الموضوع له، ولکنّه تارة : یکون هو المقصود بالذات والأصالة.‏

واُخریٰ :‏ یکون هو السبب لانتقال السائل إلیٰ أمر آخر، فلا حذف فی المقام،‏‎ ‎‏ولا مجاز فی الکلمة، ولا فی الإسناد:‏

‏أمّا کونه سبباً لذلک، فهو الواضح.‏

‏وأمّا عدم کونه مجازاً فی الحذف والکلمة؛ فلأنّ السببیّة للنقل معناها عدم‏‎ ‎‏حذف المضاف، وکون الکلمة مستعملة فیما هو الموضوع له بالإرادة الاستعمالیّة،‏‎ ‎‏أیضاً مانع عن کونه مجازاً فی الکلمة.‏

‏وأمّا عدم کونه مجازاً فی الإسناد؛ فلأنّ المناط فی ذلک کونه مراداً بالأصالة،‏‎ ‎‏وهو ممنوع فرضاً.‏

‏اللهمّ إلاّ أن یقال : إنّ المناط فی ذلک هی الإرادة الاستعمالیّة، وهی موجودة،‏‎ ‎‏فلاتغفل.‏

فبالجملة :‏ المجاز بمعنی استعمال اللفظ فی غیر ما وضع له، غیر مرضیّ،‏‎ ‎‏والمجاز ـ بمعنی أنّه مَعْبر ما هو المقصود بالأصالة ـ محقّق، والذی هو المصحّح‏‎ ‎‏لتلک الاستعمالات المجازیّة، التسهیل فی الأمر، وأداء المقصود بأسهل ما یمکن؛‏‎ ‎‏لأنّ النظر لیس مقصوراً علی مفاد الجمل مطابقة، بل المنظور الأصلیّ هو الأمر‏‎ ‎‏الآخر، فتدبّر.‏

‏ ‏

‎ ‎

‎[[page 165]]‎

  • )) مفتاح العلوم: 153 و 155، المطوّل : 278 / السطر 21، قوانین الاُصول 1: 13 / السطر5، الفصول الغرویّة: 14 / السطر 12 .
  • )) هدایة المسترشدین: 36 / السطر 26، الفصول الغرویّة: 25 / السطر 26 .
  • )) نسبه إلی جماعة فی هدایة المسترشدین : 36 / السطر 26، وإلی شرذمة فی الفصول الغرویّة: 24 / السطر 13 .
  • )) إشارات الاُصول: 20 / السطر 19، ضوابط الاُصول : 10 / السطر 27.
  • )) المطوّل : 282 / السطر 24، شروح التلخیص 4 : 25 وما بعدها .
  • )) کفایة الاُصول : 28 .
  • )) کفایة الاُصول : 28، نهایة الاُصول : 28، منتهی الاُصول 1 : 33 .

انتهای پیام /*