المقصد الأوّل موضوع الاُصول وتعریفه مع نبذة من مباحث الألفاظ

أسماء الإشارة

حول المعانی الحرفیّة / المبحث الثانی : فی الوضع

کد : 164348 | تاریخ : 25/07/1395

أمّا أسماء الإشارة :

‏ ‏

‏ففیها احتمالات، بل وأقوال :‏

أوّلها :‏ أنّها موضوعات للإشارة الخارجیّة، کما أنّ لفظة «الرجل» و «زید»‏‎ ‎‏موضوعتان لأمرین فی الخارج، فلابدّ من تحقّق الإشارة خارجاً بأمر من الاُمور،‏‎ ‎‏کالإصبع ونحوه، ویکون لفظة «هذا» موضوعةً لتلک الإشارة الموجودة بالسبب‏‎ ‎‏الآخر. وهذا هو قول ظاهر من الفاضل المحشّی الأصفهانیّ، وبعض تلامذته‏‎[1]‎‏.‏

‏وما فیه ظاهر؛ ضرورة أنّ الإشارة تتحقّق بدون الأسباب المورثة لتحقّقها‏‎ ‎‏الخارجیّ تحقّقاً اعتباریّاً، علیٰ نحو ما عرفت منّا. ومعنی «تحقّق الإشارة خارجاً»‏‎ ‎‏لیس إلاّ التحقّق الوهمیّ، لا التحقّق التکوینیّ.‏

‏فالإشارة قسمان : وهمیّ، واعتباریّ، فالوهمیّ ما یحصل من الإصبع،‏‎ ‎‏والاعتباریّ ما یحصل من اللفظة القائمة مقام الإصبع، من دون لزوم ذلک فی التحقّق‏‎ ‎‏الاعتباریّ.‏

ثانیها :‏ أنّها موضوعة للإشارة المقیّدة بالمشار إلیه‏‎[2]‎‏.‏

ثالثها :‏ أنّها موضوعة للمشار إلیه، لا بعنوانه، بل بعنوان آخر‏‎[3]‎‏، فتکون کلمة‏‎ ‎‏«هذا» موضوعةً للمفرد المذکّر، لا للمفرد المذکّر المشار إلیه.‏

رابعها :‏ أنّها موضوعة له بعنوان المشار إلیه، ولکن لا من تلک الإشارة‏
‎[[page 152]]‎‏الاعتباریّة، بل من الإشارة الخارجیّة‏‎[4]‎‏.‏

خامسها :‏ أنّها موضوعة لإیجاد الإشارة الاعتباریّة. ولعلّه هو الظاهر من‏‎ ‎‏الوالد المحقّق ـ مدّظلّه ‏‎[5]‎‏.‏

سادسها :‏ أنّها موضوعة للإشارة الاعتباریّة، وأمّا وجودها فهو یحصل من‏‎ ‎‏الاستعمال فی الجمل التصدیقیّة، فیدلّ الهیئة التصدیقیّة علی الإیجاد، دون الهیئة‏‎ ‎‏التصوّریة . وهذا هو الظاهر من بعض سادة أساتیذنا ‏‏رحمه الله‏‎[6]‎‏.‏

‏والذی یستظهر من أهل الأدب أنّها موضوعة للإشارة، وهی المسند إلیه‏‎[7]‎‏.‏

‏وهذا هو التناقض غیر القابل للجمع؛ ضرورة أنّ ما هو الموضوع للإشارة‏‎ ‎‏بالحمل الشائع معنی حرفیّ، وهو لایکون مسنداً إلیه إجماعاً. ولذلک صرّح الوالد‏‎ ‎‏ـ مدّ ظلّه ـ : «بأنّ المسند إلیه هو المشار إلیه، لا الإشارة، کما یعلم ذلک من إشارة‏‎ ‎‏الأخرس»‏‎[8]‎‏.‏

‏والذی یتوجّه إلیهم : أنّ المشار إلیه لیس دخیلاً فی الموضوع له؛ لتحقّق‏‎ ‎‏الإشارة بدونه فیما إذا قال: «هذا زید» مع عدم وجود له؛ وأنّه توهّم وجوده للظلمة‏‎ ‎‏الشدیدة، فإنّ الإشارة قد تحقّقت هنا بلا شبهة، مع أنّ المشار إلیه لا تحقّق له،‏‎ ‎‏فجمیع الأقوال الآخذة فیه المشار إلیه فی الموضوع له فاسدة.‏

‏فیبقیٰ کونها موضوعة للإشارة الاعتباریّة، فیکون مدلولها تلک الإشارة، کما‏‎ ‎‏علیها تدلّ إصبع الأخرس دلالةً غیر وضعیّة أو وضعیّة غیر لفظیّة، وما تریٰ فی کلام‏
‎[[page 153]]‎‏الوالد المحقّق ـ مدّظلّه : «من أنّها موضوعة لإیجاد الإشارة اعتباراً»‏‎[9]‎‏ غیر موافق‏‎ ‎‏للتحقیق؛ لعدم اعتبار الوجود فی الموضوع له فهی موضوعة لحیثیّة الإشارة‏‎ ‎‏الاعتباریّة.‏

‏نعم، اعتبار الوجود والإیجاد یجیء بالاستعمال فی الجملة التصدیقیّة، علیٰ‏‎ ‎‏نحو ما اُشیر إلیه آنفاً، وحیث قد تقرّر عدم إمکان الوضع العامّ والموضوع له‏‎ ‎‏الخاصّ‏‎[10]‎‏، فالموضوع له هنا هو العامّ، من غیر لزوم التوصّل إلی الوضع بالاستعمال‏‎ ‎‏ـ کما عرفت فی الهیئات المرکّبة‏‎[11]‎‏ـ لأنّ ما هو الموضوع له هو عنوان «الإشارة»‏‎ ‎‏وهی تعتبر فی الخارج، فتکون مصادیقها معانی حرفیّة، والمفهوم الذهنیّ اسمیّاً، کما‏‎ ‎‏فی الحروف وأشباهها.‏

‏ولذلک تریٰ أنّه إذا قال : «هذا عالم» یصحّ الحکایة عنه: «بأنّه أشار إلیه بأنّه‏‎ ‎‏عالم» فیعلم أنّ ما صنعه فی الخارج مصداق الإشارة، فیکون مفهوم «الإشارة»‏‎ ‎‏کمفهوم «الإنسان» فی الخارج، فلا تغفل، ولا تختلط.‏

‏نعم فی الطبیعیّ الحقیقیّ هو موجود حقیقة بالوجود ـ إلاّ علیٰ بعض‏‎ ‎‏المذاهب الراقیة ـ وفی مفهوم «الربط» و «النسبة» و «الإشارة» هی موجودات فی‏‎ ‎‏الخارج اعتباراً.‏

‎ ‎

‎[[page 154]]‎

  • )) نهایة الدرایة 1 : 63 ـ 64، محاضرات فی اُصول الفقه 1 : 91 .
  • )) الکافیة 2 : 32 ـ 33 .
  • )) کفایة الاُصول : 27 .
  • )) لاحظ بدائع الأفکار، المحقّق الرشتی : 44 / السطر 5، محاضرات فی اُصول الفقه 1: 91.
  • )) مناهج الوصول 1 : 96 ـ 97 .
  • )) نهایة الاُصول : 25 ـ 26 .
  • )) مختصر المعانی : 50 ـ 51، لاحظ الکافیة 2 : 32 ـ 33 .
  • )) مناهج الوصول 1 : 97 .
  • )) مناهج الوصول 1 : 96 ـ 97 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 77 ـ 78 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 120 ـ 123 .

انتهای پیام /*