العلاقة بین الکرامة والارتداد فـی فکر الإمام الخمینـی(ره)
ضامن علی الحبیبی
تعدّ الکرامة الانسانیة من أمّهات حقوق البشر، کما أکد علیها البیان العالمی لحقوق البشر، الذی یلزم کافّة النظم الحاکمة علی العالم بالتوجّه و الإلتزام بمفاد البیان و رعایة العهود و المواثیق الدولیة، کما طرح موضوع الکرامة الإنسانیة فـی التعالیم الدینیة، لا سیما فـی القرآ ن الکریم. و السؤال الأساسی هنا هو: ما هو المحور الذی تدور حوله الکرامة الانسانیة؟ بمعنی: هل إنّ الکرامة الانسانیة حقّ مطلق غیر قابل للزوال بأی شکل من الأشکال، أی: حتّی فـی صورة إرتکاب الانسان لأبشع الجرائم و الجنایات؟ أم إنّه حقّ مقید؟ أی: إنّ أبناء البشر لهم التمتّع بالمنزلة الرفیعة و الکرامة ما لم یفقدوا کرامتهم بسبب أعمالهم القبیحة نحو: قتل النفس المحترمة، الفساد فـی الأرض، الإرتداد، التلاعب بالمقدّسات و الإعتقادات الدینیة المسلّمة من قبل النظام الحاکم أی: النظام الدینـی و الولائی.
یحاول صاحب المقالة الحالیة ـ من خلال الإستناد إلی نظریات الإمام الخمینـی(ره) ـ إثبات أنّ الکرامة الانسانیة رهن فعل الانسان، فإذا إرتکب جریمة من قبیل: قتل النفس المحترمة، أو تسبّب فـی إیجاد الفساد و إنتشاره و سلب الأمن و الأمان فـی الأرض أو عمل علی الإخلال بالنظام الدینـی، و تضعیف الدعائم الفکریة و الإعتقادیة، ففی هذه الحالة یکون قد خرج من حریم الکرامة و أستحقّ العقاب. و علی هذا الضوء یمکن القول: إنّ حقّ الکرامة: حقّ مقید، و له أبعاد و حدود معینة، لا یجوز تخطّیها، و مع التعدّی و التجاوز یکون الفرد مستحقّاً للعقاب و التأدیب. و من المسائل الّتـی تعرّضت إلی النقد من قبل المدارس العرفیة اللیبرالیة هی: الأحکام الاسلامیة الجزائیة المتعلّقة بالمرتدّ، فهؤلاء یرون : أنّ العقوبة البدنیة للمرتد تتنافی مع قیمة الکرامة الانسانیة، و حریة الفکر و العقیدة، و یزعمون : أنّ الحکم التاریخی لسماحة الإمام الخمینـی بحقّ المرتدّ سلمان رشدی یخالف الکرامة الانسانیة، و یعتبرون ذلک إنتهاکاً لحقوق
[[page 345]]البشر الأساسیة. و لذا من المناسب أن نتناول مسألة الأحکام الجزائیة المتعلّقة بالمرتدّ فـی الإسلام بالبحث و التحقیق، بمنظار الفقه و الحقوق، و أن نعرف مدی صلتها بالکرامة الانسانیة. إنّ السؤال الرئیس الذی نسعی إلی الإجابة عنه هو: ألا تعتبر أحکام الجزاء فـی الإسلام بحق المرتد منافیة و متعارضة مع مسألة الکرامة الانسانیة، و الحال أنّ من لوازم الکرامة الانسانیة: الحریة فـی الفکر و العقیدة؟
[[page 346]]